تمهيـــــد

لكتاب فن الكتابة: تقنيات الوصف

للكاتب: عبد الله خمّار

 

عرف العرب قديما فن الوصف، ولاسيما في الشعر. واستطاعوا تطويره من الوصف النقلي الذي كان شائعا لدى شعراء المعلقات وغيرهم من الشعراء الجاهليين إلى الوصف الوجداني الذي يمتزج بنفس الشاعر. فلا يتأمل الشاعر الموضوع الموصوف بحواسه فقط بل بقلبه وخياله، كما نرى في وصف الطبيعة عند الشعراء العباسيين كالبحتري والأندلسيين كابن خفاجة، ووصف الأشخاص عند ابن الرومي.

الشعر يبقى ملاذ الإنسان:

  ولا يدل اهتمامنا بالوصف الروائي على إهمالنا للوصف في الشعر، إذ يبقى الشعر في كل العصور لغة القلب والوجدان، وملاذ الإنسان حين تشتد به وطأة الحياة المادية. ينتقل بصوره العذبة وإيقاعه الساحر إلى فضاءات علوية، تتحرر فيها الروح من أغلالها، وتستريح فيها النفس من معاناتها اليومية، والأعصاب من توترها وقلقها، وتجد في أجوائها السكينة والطمأنينة. ويبقى الاهتمام بالشعر في فنونه المتنوعة قائما لا ينقص منه اهتمامنا بنوع أدبي آخر انتشر في هذا العصر انتشارا كبيرا، وارتبطت به فنون أخرى في السينما والتلفزة كفن التمثيل والإخراج وغيرهما.

لماذا نستخدم الرواية في التعبير الكتابي؟

  وإذ نقترح استخدام الرواية في التعبير الكتابي فذلك لاعتمادها الكلي على الوصف. ففيها وصف الأشخاص الذين يحركون الأحداث وتحركهم، ووصف الأماكن ووصف المشاهد الطبيعية والطقس الذي يدل على تعاقب الفصول، مما يوفر نصوصا جاهزة تدرب المتعلم على الكتابة والتعبير في مجال الوصف. ولأن بعض الروايات العظيمة ترقى لغتها في بعض فصولها وأجزائها إلى لغة الشعر في صفائها وشفافيتها وعذوبتها، وتبدو في بعضها الآخر كلاما عاديا مشابها لحوار الناس في الأسواق دون إسفاف أو ابتذال، مما يعلم التلميذ تنوع الأساليب وأن لكل مقام مقال. كما أنها أقدر على معالجة مشاكل العصر السياسية والاجتماعية والعاطفية من خلال الأحداث والحوار والعلاقات الإنسانية، مما يوفر للتلميذ مواضيع يطرح من خلالها وجهة نظره. ويتعود على أن يناقش القضايا الوطنية والإنسانية نقاشا جديا مدعوما بالحجج بكل نزاهة وحياد بعيدا عن تأثير العاطفة والخيال.

  أما الوصف في حد ذاته فكثيرا ما نستعمله في حياتنا اليومية، حيث نستعمل الأبعاد فنقول: هذا طويل وهذا قصير، والأشكال فنقول: هذا بدين وهذا نحيف، والألوان حيث نحدد لون العينين والشعر أو ألوان القماش، والأصوات والروائح، أي نستعمل عناصر الوصف الحسي الخارجي. ولكن وصفنا يتسم بالتقليد واستعمال القوالب الجاهزة بينما يصنع كل أديب مبدع من هذه العناصر لوحة فنية رائعة تختلف عن اللوحات الوصفية الأخرى، وإليك هذه العناصر مع أمثلة عنها من الرواية:

 

 لقراءة الفصل التالي انقر هنا: الفصل الأول: الأشكال والألوان والأضواء والظلال

للاطلاع على فصول الكتاب كاملة، انقر هنا: فن الكتابة: تقنيات الوصف