البــاب الرابع: الأحداث والزمان
من كتاب "فن الكتابة: تقنيات الوصف"
للكاتب: عبد الله خمّار
الفـصـل الثـاني
الزمــان
الزمان هو الرابط لأحداث الرواية:
إذا كان المكان هو الإطار الطبيعي لأحداث الرواية، ومسرحا لتحرك شخصياتها، فالزمان هو الرباط الذي ينظم أحداثها، والسلسلة التي تربط بين حلقاتها. ومن دونه تصبح الأحداث مشوشة مضطربة لا يمكن فهمها.
ولأهمية الزمن نجد أن أشهر قصة في تراثنا الأدبي العريق، قد استأثر الزمن بعنوانها: "ألف ليلة وليلة"، حيث نجد فيها زمنين: زمن الحكايات، والزمن الذي يستغرقه قص هذه الحكايات.
ارتباط الزمان بالمكان:
وقد حاول كتاب روايات الخيال العلمي السيطرة على الزمن، والانتقال من خلال آلة للزمن ابتدعها الكاتب الإنكليزي "هـ.ج. ويلز" تعود بنا إلى أي حقبة من الزمن الماضي أو تحملنا إلى أي حقبة في المستقبل. ولكن ليس للزمن وجود مستقل، فهو مرتبط بالمكان ارتباطا وثيقا، ولنتوقف قليلا للحديث عن الزمان: مفهومه ونظرة العلماء والأدباء إليه، وقياسه ووحداته.
تعريف الزمن:
"من العسير تعريف الزمان فهو من المفاهيم التي يعرفها الإنسان بالبداهة، ويصعب عليه تحديدها. وتعرفه موسوعة كولومبيا الأمريكية بأنه "ترتيب متعاقب لكل الأحداث أو الفاصل بين حدثين في هذه السلسلة المتعاقبة". ويتضمن مفهوم الزمن إلى جانب ترتيب تعاقب الأحداث تزامنها، أي حدوثها في زمن واحد، ومدتها، كما يتضمن هذا المفهوم الحاضر وهو ما يحدث الآن والماضي وهو ما حدث وانتهى، والمستقبل وهو ما سيحدث لاحقا. وتستعمل اللغات كلها أفعالا تدل على هذه الحالات الثلاث غير أن الحاضر سرعان ما يصبح ماضيأ، والمستقبل حاضرا، فالزمن يدور دورته وينقش آثاره فينا، وما المراحل التي يمر بها الإنسان من الطفولة إلى المراهقة فالشباب فالكهولة فالشيخوخة إلا دليل على تأثير الزمن فينا، وأمارات بصماته علينا ورحم الله شوقي حيث قال:
دقات قلب المرء قائلة له: إن الحياة دقائق وثواني
الشوقيات (2) ص 158
الزمن عند العلماء:
كان العلماء يعتقدون بفكرة استقلالية الزمن عن المكان. وقد آمن نيوتن بالزمن المطلق، ويقارنه الكلاسيكيون بجدول يجري بسرعة ثابتة. ولكن "لورنتر" أتى بفكرة تداخل الزمان والمكان التي بنى عليها إينشتين نظرية النسبية، والزمان فيها متصل بالمكان اتصالا وثيقا، وهو نسبي وليس مطلقا، فسرعة الزمان على الأرض تختلف عن سرعته في الفضاء.
الزمن عند الفنانين والأدباء:
يقول المتبني وهو يشكو زمانه، ويقارنه بزمان الماضين:
أتى الزمان بنوه في شبيبته فسرهم وأتيناه على الهرمِ
شرح ديوان المتنبي (2) ص 296
وفي الحقيقة ليس الزمان هو الذي يهرم، ولكنه هو الذي يحول الشاب الوسيم القوي إلى شيخ هرم ضعيف، والربيع الباسم إلى خريف كئيب. وقد حاول الفنانون والأدباء الانتصار على الزمن، بتخليد اللحظات السعيدة، والمشاهد البديعة، وتخليد الجمال في لوحات وصور وقصائد، لا يستطيع الزمان على ماله من سيطرة وجبروت أن يغير من ملامحها. فنحن نرى بثنية في قصائد جميل وولادة في قصائد ابن زيدون وهيلين في إلياذة هوميروس، وموناليز في لوحة ليوناردو دافنشي، نساء جميلات في ريعان شبابهن، وذروة أنوثتهن. ولاشك أن بعضهن قد عمرن وأصبحن عجائز شمطاوات، ولكننا لا نراهن كذلك، لأن الفن خلدهن في لحظة معينة فبقين بالنسبة إلينا، حوريات أبديات لا تنال من جمالهن وشبابهن وسحرهن يد الزمان. فالشباب والجمال زائلان ولكن الفن يستطيع أن ينتصر على الزمان و يحميهما من الزوال.
وهكذا بالنسبة للوحات الفنية والقصائد والروايات التي تجسد الأمكنة والمناظر الطبيعية، فالأمكنة من قصور وأبنية تتحول إلى أطلال، والمناظر الطبيعية تتغير بتغير الفصول، ولكن هذه الأمكنة تبقى حية خالدة في اللوحات والقصائد والروايات.
قياس الزمن:
وقد استعمل الناس التقويم والساعة لقياس الزمن. أما التقويم فهو تنظيم يعتمد على ظواهر طبيعية متكررة مثل دورتي الشمس والقمر اللتين تحسب بهما السنتان الشمسية والقمرية، وتزيد الأولى عن الثانية بأحد عشر يوما. ونحن نستعمل في حياتنا اليومية التقويم الجريجوري الشمسي الذي ينظم حياتنا السياسية والإدارية، والتقويم الهجري القمري الذي ينظم حياتنا الاجتماعية ومواسمنا وأعيادنا الدينية.
وقد قسمت السنة سواء أكانت شمسية أم قمرية إلى اثني عشر شهرا. وفي السنة الشمسية تنتج عن حركة الشمس والأرض، الفصول الأربعة: الشتاء والربيع والصيف والخريف.
المزولة والساعة الرملية:
وأما الساعة فهي آلة لتعيين الوقت أو الزمن أقدمها المزولة والساعة الرملية. وقد استعملت في العصور القديمة وتبين الأولى الوقت من مراقبة حركة الشمس واتجاه الظل على سطح مدرج، أما الثانية فهي إناء زجاجي ضيق من الوسط يُملأ قسمه الأعلى بالرمل، وحين ينزل الرمل كله إلى الأسفل تكون قد انقضت ساعة كاملة. وقد عرفت الساعة الآلية الكبيرة منذ القرن التاسع، وساعة اليد في القرن الخامس عشر، ثم صنعت الساعات الكهربائية والإلكترونية.
آلات قياس الزمن:
وعلى الروائي أن يعرف التقويم المستعمل في أمكنة أحداث روايته وفي زمانها، ولا سيما إذا كان في الزمن القديم، فنجيب محفوظ مثلا يستعمل في رواياته الفرعونية التاريخية الأشهر الفرعونية المستعملة في ذلك الوقت. وعليه أيضا أن يستعمل الآلة المستعملة لقياس الزمن في ذلك الوقت، فلا يمكن أن نستعمل الساعة الإليكترونية لتى تسير بالبطارية في رواية تدور أحداثها في أوائل هذا القرن.
وحدات قياس الزمن:
والوحدات التي يقاس بها الزمن هي القرن، والعقد أو العشرية، والسنة والشهر والأسبوع واليوم والنهار والليل والساعة والدقيقة والثانية. أما الفترة والبرهة واللحظة فليست وحدات ثابتة ولكنها تدل على انقضاء زمن ما، كما تستعمل الفصول للدلالة على مرورالزمن، إضافة إلى كل ماله دلالة على الزمن كالفجر والغروب والسحر والصباح والمساء وأوقات الصلاة.
ارتباط الزمن بالحالة النفسية: يختلف إحساسنا بالزمن بحسب حالتنا النفسية فالسعيد يراه يمر بسرعة، والمهموم والمريض يراه يمشي ببطء، والزمن واحد، ولكن إحساسنا به يختلف، وقد رأى النابغة الذبياني وهو مهموم بطء الكواكب في حركتها وطول الليل عليه:
كِليني لهم يا أميمة ناصـب ِ وليل أقاسـيه بطيء الكواكبِ
تطاول حتى قلت ليس بمنقض ٍ وليس الذي يرعى النجوم بآيبِ
الروائع ص 21
وقال امرؤ القيس وقد طال عليه الليل وقد ركبه الحزن والغم:
وليلٍ كموج البحر أرخى سدولهُ عليَّ بأنواع الهموم ليبتلي
فقـلت له لمّا تمطّـى بصلبهِ وأردف أعجازا وناء بكلكلِ
ألا أيها الليل الطويل ألا انجل ِ بصبحٍ وما الإصباح منك بأمثلِ
فيالك من ليل كأنَّ نجومـَهُ بكل مُغـار الفتل شُدَّت بيذبُلِ
أمّا "لامارتين" فخاطب الزمان حين كان سعيدا مع محبوبته، في قصيدته "البحيرة" طالبا منه أن يتوقف:
توقف يازمــان عن المسيـــرِ
ومهلا يا سويْـــعات الســـرورِ
لنرتشـــف المــــلاذ الهارباتِ
بأجمــل مـــا بأيــام الحـياةِ
ولكنه يطلب من الزمن أن يسرع بالنسبة للأشقياء البائسين:
وأسرع في سبيــل البائسيــنـا
فهــم يبغون جريك ضارعيـنــا
وخـذ معهم مصائــبـهم وأسرع
وغـضَّ الطرف وانس المسعـدينا
ترجمة المؤلف
أهمية الزمن في الرواية:
يعتبر المهتمون بالرواية أن الزمن في الرواية كالرقم المتسلسل للكتاب، يرتب الأحداث كما يرتب الرقم الأوراق. ولو فرضنا أننا جردنا الرواية من الزمن، فماذا يحدث؟
إن الزمن في بعض الروايات طويل قد يستغرق عشرين عاما أو أكثر كرواية بين القصرين لنجيب محفوظ. فإن حذفنا الزمن منها، لا تستطيع الحبكة وحدها ربط الأحداث. فهناك فرق بين تزامن الأحداث وتعاقبها، كما أن تعاقبها نفسه قد يأتي مباشرة وقد يكون بعد فاصل زمني يطول أو يقصر، إلى جانب تحديد مدة الحدث. فالزمن إذا ليس اختياريا في الرواية، ولكنه ضرورة قصوى، وقد يستطيع الكاتب أن يعيد ترتيب الزمان، فيبدأ بالحاضر ثم ينتقل إلى الماضي في استعادة للذكريات، أو يمزج الحاضر بالمستقبل، ولكنه مزج واع فيه استعمال للزمان، رغم تداخل الأزمنة. أما أن يلغي الزمن كلية، فهذا غير ممكن لأن الحدث يحتاج إلى زمان ومكان وهو متصل بهما اتصالا وثيقا، ومن يلغ الزمن في روايته، يمكن أن نسمي ما كتبه خواطر لا رواية.
والزمن ليس ضروريا لفهم تسلسل الأحداث فحسب، ولكنه مهم أيضا عند وصف الأماكن والمشاهد الطبيعية، لأنها تتغير بتغير الليل والنهار وتغير الفصول.
الزمن الانتقائي:
ولكن علينا أن نشير إلى أن الزمن في الرواية ليس كاملا ولكنه انتقائي. فهو لا يؤرخ ويؤقت لحياة الشخصية بل للأحداث الهامة التي لها علاقة بالرواية. فهو زمن روائي وليس حقيقيا، طرحت منه كل الأمور التي لا أهمية لها في حياة الشخصية، أو ليس لها علاقة بسياق أحداث الرواية.
الزمن في الرواية:
أ ـ تحديد زمن حدوثها:
تبدأ الرواية أحيانا بزمان حدوثها، وهذا نجيب محفوظ يبدأ رواية "خان الخليلي" بتحديد زمانها:
" انتصفت الساعة الثانية من مساء يوم من سبتمبر سنة 1941 موعد انصراف الدواوين، حين تنطلق جماعات الموظفين من أبواب الوزارات كالفيضان العارم. وقد نهكها الجوع والملل، ثم تنتشر في الأرض تطاردها أشعة الشمس الموقدة. انطلق أحمد عاكف ـ الموظف بالأشغال ـ مع المنطلقين ".
الأعمال الكاملة (3)خان الخليلي ص 5
لقد حدد الكاتب زمن بداية القصة: الساعة والشهر والسنة، ولم يجد تحديد اليوم ضروريا، إذ لا يهم أن يكون في أول أو منتصف أو آخر سبتمبر، وقد استعمل الزمن كإطار هنا ليحدد لنا فترة حدوث الرواية سنة 1941، وساعة خروج أحمد عاكف مع الموظفين في الساعة الثانية والنصف بعد الظهر.
وهكذا يحدد فيكتور هيغو أيضا في أوائل روايته البؤساء السنة التي بدأت فيها أحداثها:
"في عام 1815 كان صاحب السيادة شارل فرانسوا بينفنو ميربيل هو أسقف د...، وكان رجلا في الخامسة والسبعين وكان قد شغل أسقفية د مند عام 1806".
البؤساء(1) ص 21
وتبدأ رواية الحرب والسلام لتولستوي، بعبارة لإحدى الشخصيات تندد فيها بفظائع نابوليون بونابرت وضمّه جنوا ولوكا الإيطاليتين إلى عرشه، وفي هذا تحديد ضمني لزمن الرواية لأن نابوليون ضمهما في شهر حزيران (يونيو) عام 1805، ولكن الكاتب يحدد لنا التاريخ صراحة بقوله:
"كذلك قالت في شهر تموز "يوليو" من عام 1805، آنا بافلوفنا شيرر، وهي آنسة نبيلة مرموقة من خدينات الامبراطورة ماريا فيدوروفنا".
الحرب والسلم(1) ص 40
إن تحديد الزمان في الرواية ولا سيما السنة مهم جدا لفهم الأحداث السياسية والاجتماعية التي تتضمنها. ولكن الكاتب قد لا يحدد السنة إلا بعد تقديم الشخصيات، وبعض الأحداث الثانوية التي يحدد زمنها طبعا باليوم والساعة. وهذا نجيب محفوظ يحدد لنا في الصفحة 63 من رواية بين القصرين زمنها ضمنيا من خلال مناقشة بين ياسين وفهمي ابني السيد أحمد عبد الجواد :
"وانتبه أخيرا إلى فهمي وهو يقول مخاطبا ياسين:
ـ "إن هجوم هندنبرج الأخير شديد الخطورة، ولا يبعد أن يكون الهجوم الفاصل في هذه الحرب".
وكان ياسين يعطف على آمال أخيه، ولكن في هدوء متسم بقلة الاكتراث، تمنى مثله أن ينتصر الألمان، وبالتالي الترك وأن تسترد الخلافة سابق عزتها، وأن يعود عباس ومحمد فريد إلى الوطن، ولكن أمنية من هذه الأماني لم تكن لتشغل قلبه في غير أوقات الحديث عنها، وقد قال وهو يهز رأسه:
ـ "مضى أربع سنوات ونحن نردد هذا الكلام"
بين القصرين ص 64
ونستنتج من حديث فهمي عن هجوم هندنبرج، وجواب ياسين "مضى أربع سنوات" بأن أحداث الرواية تقع في أواخر الحرب العالمية الأولى عام 1918.
ب ـ التعاقب: ومادام الكاتب قد حدد زمن الرواية وهو نقطة الانطلاق فما عليه الآن إلا تحديد زمن الأحداث المتعاقبة، فكل حدث كما ذكرنا في وصف الأحداث مرتبط بالزمان والمكان، وقد حدد لنا نجيب محفوظ بداية روايته "خان الخليلي" في مساء يوم من سبتمبر سنة 1941، والأحداث المتعاقبة في الرواية تستند إلى هذا التاريخ:
1ـ "وعند الساعة السابعة من صباح اليوم الثاني كان جالسا إلى السفرة يتناول فطوره".
الأعمال الكاملة (3) خان الخليلي ص 25
2 ـ "وعاد ظهرا إلى الحي الجديد، وغمغم مبتسما وهو يدنو منه: "ثاني عطفة على اليمين ثم ثالث باب على اليسار.."
المصدر نفسه ص 31
3 ـ "وعند مساء اليوم الثاني غادر العمارة ووجهته قهوة الزهرة فوجدها عند مدخل شارع محمد علي الكبير..."
المصدر نفسه ص 37
4 ـ "ونهض في الصباح المبكر نشيطا ففتح النافذة وأطل منها على الحي العجيب، فوجد الحي يتمطى مستيقظا فالدكاكين تفتح أبوابها..."
المصدر نفسه ص 48
ج ـ التزامن:
قد يحصل حدثان أو أكثر في زمن واحد، فيستعمل الكاتب العبارات التي تدل على التزامن، أو يجعلنا نستنتج ذلك من خلال سياق الأحداث:
تزامن الموت والولادة( تولستوي):
"ودخل الطبيب المولد، والتقى آندره بأخته مرة أخرى، فجرى بينهما حديث خافت الصوت تقطعه فترات صمت. كانا كلاهما ينتظران بصبر نافذ وآذان منتصبة".
"ولكن ما إن انقضت ثوان قليلة حتى دوى صراخ رهيب، صراخ لا يمكن أن يكون صادرا عن ليزا، فلو أرادت ليزا أن تطلق هذا الصراخ لما استطاعت، لأنها لا تملك ما تحتاج إليه من قوة، وفيما كان آندره يهرع إلى غرفة النوم من جديد، انقطع الصراخ فجأة، وانطلقت صرخة طفل ولد.
تساءل آندره في اللحظة الأولى: "لماذا جيء إلى هنا بطفل؟ طفل؟ أي طفل هنا؟ ما مجيء طفل إلى هنا؟ أيكون طفل قد ولد؟".
وأدرك فجأة أن هذه الصرخة تبشره بفرحة كبيرة، فاختنق بدموعه، وتهالك على مسند النافذة، وأخذ يبكي ناشجا كطفل. وظهر الطبيب مخلوع الردنجوت (المعطف)، مشمور الكمين، تهز وجهه الشاحب ارتعاشة عصبية. لم يجب عن أسئلة الأمير إلا بنظرة تائهة زائغة، ومر أمامه لا يلوي على شيء. وهرعت امرأة تخرج من غرفة النوم، فما أن رأت آندره حتى جمدت في مكانها لا تتحرك.
وقرر آندره أن يدخل. كان جثمان ليزا الميتة راقدا على ذلك الوضع نفسه الذي رآها عليه من قبل، ورغم أن تظرتها جامدة، وخديها صفراوين، فما يزال وجهها اللطيف الصغير ذو الشفة المظللة بزغب أسود خفيف يعبر في جموده وهموده عن ذلك المعنى نفسه الذي كان يعبر عنه قبل أن تموت: "إنني أحبكم جميعا، ولم أسئ إلى أحد منكم فماذا صنعتم أنتم بي؟".
كذلك كان يقول هذا الوجه الأخاذ المحزن، وجه المرأة الشابة الميتة.
وفي ركن من الغرفة كان شيء صغير أحمر ينخر ويصيئ بين يدي "ماريا بوجدا فوفنا" البيضاوين المرتجفتين".
الحرب والسلم (2) ص 89
د ـ المدة: و من الطبيعي أن يحدد الكاتب مدة الحدث، أو مدة الفاصل بين حدثين، أو مدة الصمت أثناء الحوار، أو مدة حديث إحدى الشخصيات:
1 ـ سنوات الغربة (الطيب صالح):
"ثلاثون عاما، كان شجر الصفصاف يبيض ويخضر ويصفر في الحدائق، وطير الوقوق يغني للربيع كل عام، ثلاثون عاما وقاعة "ألبرت" تغص كل ليلة بعشاق "بيتهوفن" و"باخ"، والمطابع تخرج آلاف الكتب في الفن والفكر. مسرحيات برناردشو تمثل في "الرويال كورت" و"الهيماركت". كانت "إيدت ستول" تغرد بالشعر، ومسرح "البرنس أف ويلز" يفيض بالشباب والألق. البحر في مده وجزره في "بورنمث" و"براتين"، ومنطقة البحيرات تزدهي عاما بعد عام. الجزيرة مثل لحن عذب، سعيد حزين، في تحول سرابي مع الفصول. ثلاثون عاما وأنا جزء من كل هذا، أعيش فيه ولا أحس جماله الحقيقي".
موسم الهجرة إلى الشمال ص 56
2 ـ الهروب من الحرب (همنغواي):
"وارتأت كاترين الرحيل إلى لوزان لنكون قريبين من مستشفى التوليد، فانتقلنا إليها ونزلنا في أحد فنادقها الكبيرة، وكان ذلك في بداية آذار من عام 1918 في اليوم الذي بدأ فيه الألمان هجومهم الكبير على الجبهة الفرنسية. أقمنا في الفندق أسابيع ثلاثة، التحقتُ خلالها بناد رياضي للهواة".
وداعا أيها السلاح ص 214
3 ـ حياة شقية(نجيب محفوظ):
"وانقضت بعد ذلك عشرون عاما من حياته وقلبه من الحياة خواء يكابد مرارة عيشة فقيرة مترعة بالهموم مثقلة بالتبعات، ضيقة بالأمل".
الأعمال الكاملة (3) خان الخليلي ص 29
4 ـ الثرثرة( تولستوي):
"بقيت "أنّا ميخائليوفنا" طوال مدة الغذاء تتكلم عن الشائعات التي تروج بين الناس عن العلميات العسكرية، وتتكلم عن نيقولا".
الحرب والسلم(1) ص 654
5 ـ الصمت(دوستويفسكي):
"صمت راسكولينكوف بضع لحظات ثم قال، وهو لا يجيب عن السؤال:
ـ "إن كاترينا إيفانوفنا مصدورة، وهي مصدورة بشكل خطير، ولسوف تموت قريبا".
الجريمة والعقاب (2) ص 453
استعمال الأزمنة: لا شك أن الزمن الغالب استعماله في الرواية هو الزمن الماضي ثم المستقبل، إلا أن الكاتب يستعمل أحيانا الزمن الحاضر ولاسيما في الوصف العام غير المرتبط بالزمن لتوضيح أحداث الرواية وهذه أمثلة عن الأزمنة الثلاثة:
1 ـ الزمن الماضي( محمد ديب):
"جاء شهر آذار "مارس". إن الأحد الثاني من هذا الشهر يوم لا ينسى في دار سبيطار".
الدار الكبيرة: الحريق: النول ص 37
2 ـ الحاضر(نجيب محفوظ):
"يعجبني جو الاسكندرية.. لا في صفائه وإشعاعاته الذهبية الدافئة.. ولكن في غضباته الموسمية، عندما تتراكم السحب وتنعقد جبال الغيوم، ويكتسي لون الصباح المشرق بدكنة المغيب، ويمتلئ رواق السماء بلحظة صمت مريب، ثم تتهادى دفقة هواء فتجوب الفراغ كنذير أو كنحنحة الخطيب. عند ذاك يتمايل غصن أو ينحسر ذيل، وتتتابع الدفقات ثم تنقض الرياح ثملة بالجنون، ويدوي عزيفها في الآفاق، ويجلجل الهدير ويعلو الزبد حتى حافة الطريق، ويجعجع الرعد حاملا نشوات فائرة من عالم مجهول، وتندلع شرارات البرق فتخطف الأبصار وتكهرب القلوب، وينهل المطر في هوس فيضم الأرض والسماء في عناق ندي. عند ذاك تختلط عناصر الكون وتموج وتتلاطم أخلاطها، كأنما يعاد الخلق من جديد".
الأعمال الكاملة (8) ميرامار ص 123
3 ـ المستقبل(تولستوي):
"يجب أن تزورني حتما يوم الثلاثاء بين الساعة الثامنة والساعة التاسعة. سيسرني مجيئك كثيرا".
الحرب والسلم (2) ص 189
استعمال وحدات الزمن: والكاتب يستعمل كما قلنا وحدات الزمن الثابتة والدقيقة وغير الثابتة، وهذه بعض الأمثلة:
1 ـ الثانية(دوستويفسكي):
"ساد الصمت مدة عشر ثوان، وكان الجميع قد لبثوا لا يأتون حراكا، كما لو أن الذهول سيطر عليهم".
الجريمة والعقاب (2) ص 488
2 ـ الدقيقة(دوستويفسكي):
"غير أنه قوطع فجأة، ولقد حصلت معركة حقيقية استمرت دقيقتين أو ثلاث دقائق، ثم دفع الباب فجأة بعنف، ودخل رجل شاحب الوجه".
الجريمة والعقاب (2) ص 488
3 ـ الساعة( فورستر):
"وقال عزيز وهو يبتسم ابتسامة ساحرة: "إننا نحتاج إلى ساعة لنصل إلى هناك، وساعة لنعود، وساعتين للكهوف، أو لنقل ثلاث ساعات".
وبدت عليه فجأة أمارات الجلال: "إن القطار العائد يقوم في الحادية عشرة والنصف وسوف تكونان جالستين إلى غدائكما في شاندرابور مع المستر هيلسوب في نفس الساعة المعتادة تماما، أعني في الواحدة والربع".
رحلة إلى الهند ص 205
4 ـ اليوم (محمد ديب):
"اليوم خميس هو يوم عطلة، ليس على عمر أن يذهب إذن إلى المدرسة".
الدار الكبيرة: الحريق: النول ص 29
5 ـ النهار(مولود فرعون):
"إنها "ذهبية" تعرف أن أمها ستبقى عابسة الوجه طيلة النهار".
الدروب الوعرة ص 81
6 ـ الليل(الطيب صالح):
"كانت ليلة قائظة من شهر يوليو، وكان النيل قد فاض في ذلك العام أحد فيضاناته تلك".
موسم الهجرة إلى الشمال ص 63
7 ـ الأسبوع(فيكتور هيغو):
"وتصرمت على هذا النحو بضعة أسابيع وشيئا فشيئا استحوذت على كوزيت حياة جديدة".
البؤساء ص 386
8 ـ الشهر الهجري(نجيب محفوظ):
"وماذا رأيت مما رأيت يا غلام؟ أشهدت رمضان في حينا الجديد هذا قبل اندلاع الحرب؟ إنه النور والسرور، إنه الليل المنير اليقظان، إنه الليل العامر بالسمار والمنشدين واللهو البريء".
الأعمال الكاملة (3) خان الخليلي ص 61
9 ـ الشهر الميلادي(باسترناك):
"بالرغم من أن الحياة كانت قد عادت إلى مجراها العادي منذ شهر ديسمبر، فقد ظلت الطلقات تنبعث هنا وهناك، وبعض الحرائق تندلع من آن إلى آخر".
دكتور جيفاغو ص 126
10 ـ السنة (تولستوي):
"في مطلع سنة 1806 عاد نيقولا روستوف في إجازة".
الحرب والسلم (2) ص 9
11 ـ الشهر الفرعوني( نجيب محفوظ):
"لاحت في الأفق الشرقي تباشير ذلك اليوم من شهر بشنس، المنطوي في اثناء الزمان منذ أربعة آلاف سنة. وكان الكاهن الأكبر لمعبد الرب سوبنس يتطلع إلى صفحة الماء بعينين ذابلتين".
الأعمال الكاملة (3) رادوبيس ص 367
أسماء أخرى تدل على الزمن:
اللحظة (فورستر):
"وقالت مسز تيرتون: "إن الساعة الآن حوالي الخامسة، وفي لحظة سيصل زوجي من مكتبه ويبدأ الحفل".
رحلة إلى الهند ص 50
2 ـ الفجر (همنغواي):
" كانت خيوط الفجر الأولى ترتسم في الآفاق عندما أشرفنا على مجرى النهر الذي تقع عليه بلدة تلكيمانتو".
وداعا أيها السلاح ص 162
3 ـ الصبح(فيكتور هيغو):
"وتنفس الصبح في سرعة، ولكن أيا من النوافذ لم تفتح، وأيا من الأبواب لم يفتح فتحا يسيرا. لقد ارتفع الضحى، أما ساعة اليقظة فلم تكن قد حانت".
البؤساء (5) ص 45
4 ـ الضحى(نجيب محفوظ):
"استيقظت في الضحى، وكان الجو حارا والشمس ترسل أشعتها المتوهجة، فتبث في الدنيا نورا ونارا".
الأعمال الكاملة (3) رادوبيس ص 429
5 ـ الظهر(همنغواي):
"وتقضت الظهيرة، والقارب لايزال يتقدم في أناة واطراد".
الشيخ والبحر ص 67
6 ـ المساء(تولستوي):
"كان المساء قد تقدم حين دخل الشابان قصر "أولموس" الذي يقيم فيه الامبراطوران وخلصاؤهما".
الحرب والسلم (1) ص 703
7 ـ العشية(دوستويفسكي):
"في عشية من عشايا تموز والحرارة آخذة في الارتفاع، كان شاب يخرج من الغرفة التي يقطنها في شارع "س".
الجريمة والعقاب (1) ص 7
8 ـ الغروب(دوستويفسكي):
"كانت الشمس الغاربة تضيء الغرفة وترسل أشعتها على الأوراق الصفراء فيها، وعلى النوافذ، وستائر الشاش الموصلي المعلق عليها".
الجريمة والعقاب (1) ص 12
9 ـ الغداء(تولستوي):
"سيسافر الأمير آندره في مساء الغد، ولم يخل الأمير االشيخ بنظام حياته فانسحب إلى غرفته بعد الغداء".
الحرب والسلم (1) ص 309
10 ـ العشاء(تولستوي):
"في اليوم الثالث من أعياد الميلاد تعشى نقولا في منزل أهله استثناء، وكان ذلك عشاء وداع".
الحرب والسلم (2) ص 99
11 ـ الأمس(عبد الحميد بن هدوقة):
"واعدته العجوز ربيحة بالأمس أن تأتي إلى المدرسة من الفجر. وإذ أفاق من نومه وجد الضوء اقتحم الحجرة رغم النافذة المغلقة، فأضاء كل زواياها، فعلم أنه لم يستيقظ مبكرا كالأمس".
نهاية الأمس ص 131
12 ـ الغد(تولستوي):
"لا في غد ولا في غداة غد جاء دولوخوف إلى منزل آل روستوف، ولا كان نيقولا يذهب إليه أيضا، ولكنه تلقى منه بعد ثلاثة أيام رسالة قصيرة".
الحرب والسلم (2) ص 113
ـ السحــور(نجيب محفوظ):
"ومضيا معا، وفي الطريق سأل المعلم صاحبه:
ـ "لماذا لا تمد السهرة حتى السحور؟"
فقــال الكهل بلهجة فاترة:
ـ "إني أمضي الوقت ما بين الساعة الثانية عشرة وما بين السحور في القراءة".
الأعمال الكاملة (3) حان الخليلي ص 68
استعمال الفصول للدلالة على الزمن:
1 ـ الصيف( تولستوي):
"في منتصف الصيف تلقت الأميرة ماريا من سويسرا رسالة بعثها الأمير آندره، وفيها يطلعها على نبأ غريب لا يتوقع، إنه يبلغها خطوبته للآنسة روستوف".
الحرب والسلم (2) ص 487
2 ـ الخريف(باسترناك):
"مرت ثلاثة أيام متتالية، والطقس موحش كئيب، وكان هذا هو الخريف الثاني للحرب".
دكتور جيفاغو ص 187
3 ـ الشتـــاء(همنغواي):
"وفي مطلع الشتاء هطل مطر غزير، وحملت مع المياه المنسابة في زحفها جراثيم الكوليرا، فأرعبت النفوس، وأقضت المضاجع. ولكنهم استطاعوا القضاء عليها، بعد أن أزهقت من أرواح الجنود سبعة آلاف فقط! كانوا جميعا في فرحة الشباب ونضرة الصبا".
وداعا أيها السلاح ص 6
4 ـ الربيع(باسترناك):
"في حوالي ربيع سنة 1906، قبل أن تبلغ "لارا" الفصل الأخير في مدرستها، كانت الأشهر الستة التي قضتها على اتصال بكوماروفسكي قد ذهبت بكل ما لديها من طاقة على الاحتمال".
دكتور جيفاغو ص 146
طرق أخرى لتحديد الزمن: هذه بعض الطرق الأخرى التي يستعملها الكتاب لتحديد الزمن:
أولا: اليوميات: ويلجأ إليها الكاتب ليحدد زمن جريان الأحداث وتعاقبها:
1 ـ يوميات عامر(مولود فرعون):
" اليوم الأول: 20 يناير من الخمسينات.
الاســـم الذي أعرف به هو عامر أن عامر وإذا شئت فقل عامر بن عامر".
الدروب الوعرة ص 131
2 ـ يوميات بطرس(تولستوي):
"ثابر بطرس على الكتابة في دفتر يومياته، وإليكم ما كتبه في ذلك الوقت: 24 تشرين الثاني "نوفمبر":
"قمت من سريري في الساعة الثامنة. قرأت في الكتاب المقدس ثم ذهبت إلى اللجنة..."
الحرب والسلم (2) ص 379
ثانيا: الصحيفة: ويستعمل الكاتب هذه التقنية لتحديد زمان حدث عرفه بطريق الصدفة:
صحيفة التايمز(الطبيب صالح):
"وضعت الرسالة في جيبي وجلست على الكرسي إلى يمين المدفأة.
وقع بصري على عدد من صحيفة "التايمز" بتاريخ الاثنين 26 ـ 09 ـ 1927:المواليد، الزيجات، الوفيات الخ .."
موسم الهجرة إلى الشمال ص 139
ثالثا: التأريخ بالأحداث الوطنية: إنه استعمال ضمني للزمن، فالكاتب يحدد زمن أحداث الرواية بالأحداث التاريخية الوطنية أو العالمية المعروفة، فنفي سعد زغلول إلى مالطة كان في سنة 1919، ولقاء امبراطور روسيا والاسكندر الأول مع الملك فريدريك غليوم الثالث حدث في 25 سبتمبر 1805.
1 ـ نفي سعد زغلول(نجيب محفوظ):
"ودخل عليهم ابراهيم الفار تاجر النحاس مهرولا وهو يهتف لاهثا:
ـ أما سمعتم بآخر الأبناء ؟ ! ... مالطة !
وضرب يدا بيد و راح يقول:
ـ النفي إلى مالطة، لم يعد أحد منهم بيننا، نفوا سعدا وأصحابه إلى جزيرة مالطة. وهتف الجميع في نفس واحد: ـ نفوهم!"
بين القصرين (2) ص 132
رابعا: التأريح بالأحداث العالمية:
1 ـ لقاء العاهلين( تولستوي):
"المهم أن نعرف النتيجة التي سيسفر عنها لقاء برلين بين الامبراطور الاسكندر وملك بروسيا، فإذا دخلت بروسيا في الحلف ضغط على النمسا واستؤنفت الحرب".
الحرب والسلم (1) ص 455
خامسا: تحديد الزمن بعمر الأطفال: في المثال الذي نورده لاحقا نجد أن الكاتب يحدد لنا في أول "السكرية" وهي الجزء الثالث من ثلاثية محفوظ عمر كريمة بنت ياسين بثمان سنوات، بينما كانت زوجته في الجزء الثاني "قصر الشوق" على وشك الولادة. إن ولادة الطفلة وبلوغها ثمان سنوات يحدد ضمنيا الزمن الفاصل بين الجزئين من الرواية:
1 ـ السيد وأحفاده(نجيب محفوظ):
"وكان السيد يجد في حضورهم سرورا يزداد تعلقا به كلما تقدم به العمر، فعتب على ياسين انقطاعه عن زيارته في الدكان اكتفاء بزيارة يوم الجمعة، ألا يريد هذا البغل أن يفهم أنه يتوق إلى رؤيته كل حين؟ . وابنه رضوان جميل المحيا ذو العينين المكحولتين والبشرة الوردية الذي يعكس جماله ألوانا متنوعة تذكره مرة بياسين ومرة بهنية أم ياسين وثالثة بصديقه الحبيب محمد عفت فهذا أحب الأحفاد إلى قلبه، وكريمة أخته مُصَغَّر شابة في الثامنة من عمرها سوف تنضج نضجا عجيبا كما تشهد عيناها السوداوان". السكرية ص 26
استعمال آلات الزمن: إما أن يعلن الكاتب صراحة عن الزمان دون اللجوء إلى آلة كالمثال الآتي لمولود فرعون:
"ذاك الصباح رجعت مالحة من الحقل في حوالي الساعة العاشرة".
الدروب الوعرة ص 81
وإما أن يترك الآلة تعلن عن الوقت، وقد تكون الآلة ساعة اليد أو ساعة الحائط أو الكاتدرائية، أو ساعة في ساحة المدينة:
1 ـ ساعة الصالة(نجيب محفوظ):
"دقت الساعة الكبيرة في الصالة معلنة انتصاف الليل، تجاوب أركان المنور بصفير هواء قوي. أقعدني الكسل والدفء وأنا غائص في المقعد الكبير عن القيام إلى الفراش".
الأعمال الكاملة (8) ميرامار ص 23
2 ـ ساعة الكاتدرائية(فيكتور هيغو):
"فيما كانت ساعة الكاتدرائية تدق الثانية بعد منتصف الليل، استيقظ جان فالجان".
البؤساء (1) ص 169
3 ـ ساعة الحائط (دوستويفسكي):
"ولكن ها هو قريب من هدفه، وها هو البيت، وهذا رتاج الباب... وساعة الحائط تدق دقة واحدة من بعد، فتساءل:
"أيمكن أن تكون الساعة قد بلغت السابعة والنصف؟ غير معقول! يجب أن تكون الساعة غير مضبوطة".
الجريمة والعقاب (1) ص 157
4 ـ الساعة النائية(فيكتور هيغو):
"وفجأة بين وابلين من رصاص، سمعوا صوت ساعة نائية تدق، وقال كومبوفير: "إنه الظهر".
ولم تكن الدقات الاثنتا عشرة قد اكتملت عندما انتصب آنجولراس واقفا، وقذف من أعلى المتراس بهذه الصيحة الراعدة:
"انقلوا بعض حجارة الأرصفة إلى المنزل، حصنوا النوافذ بها".
البؤساء (5) ص 96
5 ـ ساعة الساحة(دوستويفسكي):
"وفجأة، سمع دقات ساعة بوضوح فاضطراب، وما لبث أن عاد إلى رشده، ثم رفع رأسه، ونظر من النافدة، واطلع على الساعة لمعرفة الوقت".
الجريمة والعقاب (1) ص 100
استعمال الشمس والقمر للدلالة على الزمن:
واستعمال الساعة كعامل خارجي يذكرنا بالزمن، دون أن يعلنه الكاتب مباشرة، يجعل الرواية أكثر طبيعية وتلقائية. ولكن الكاتب يجب أن يكون واقعيا في استعمالها، فلا نستطيع في رواية تاريخية حدثت في زمن الفراعنة أن نستعمل الساعة الدقاقة أو ساعة اليد. ويعلن نجيب محفوظ في رواياته الفرعونية، عن الوقت صراحة، أو بواسطة الظواهر الطبيعية كالشروق والغروب. وهذا "سانتياغو" بطل رواية "الشيخ والبحر" للكاتب "همنغواي"، يمكث في البحر ثمانية أيام بلياليها بحثا عن الصيد، وهو لا يحمل ساعة ولكنه يعرف الوقت بملاحظة حركة الشمس في النهار وضوء القمر في الليل وهذه أمثلة:
1 ـ "وفي غمرة من الظلام كان في ميسور الشيخ أن يستشعر الصباح يغذ الخطى".
الشيخ والبحر ص 25
2 ـ "وقبل أن يكتمل ضوء النهار أخرج الشيخ طعامه".
المصدر نفسه ص 27
3 ـ "ثم إن الشمس انبثقت من البحر رقيقة مهزولة، وغدا في ميسور الشيخ أن يرى القوارب الأخرى".
المصدر نفسه ص 30
4 ـ "وازدادت الشمس ارتفاعا بعد ساعتين من الزمان".
المصدر نفسه ص 30
5 ـ "ومع الفجر أمسك شيء ما بأحد الأطعام التي كانت وراءه".
المصدر نفسه ص 49
6 ـ "وعند الأصيل عاد الخيط يرتفع كرة أخرى". المصدر نفسه ص 68
7 ـ "وفيما الشمس تجنح إلى الغروب تذكر لكي يعزز ثقته بنفسه يوم لعب في إحدى حانات الدار البيضاء لعبة اليد الحديدية".
المصدر نفسه ص 70
8 ـ "وجلبب الظلام الكون، ففي أيلول "سبتمبر" يهبط الليل بعد غروب الشمس مباشرة".
9 ـ "وكان القمر قد طلع منذ فترة غير قصيرة، ولكن الشيخ استرسل في رقاده".
المصدر نفسه ص 83
10 ـ "ورفع بصره إلى السماء، ثم خفضه نحو سمكة، لقد تأمل موقع الشمس في اهتمام، وفكر، وقال في ذات نفسه: نحن لم نعد الظهيرة كثيرا. وهاهي ذي الريح التجارية تهب".
المصدر نفسه ص 99
أما الآلة الثانية المستعملة لإعلان الزمان فهي الجرس في المدرسة والمصنع والكنيسة.
1 ـ جرس الدخول إلى القسم(محمد ديب):
"إن الجرس الذي يعلن نهاية فترة الاستراحة يوشك أن يدق. الهياج في ساحة المدرسة بلغ ذروته. اللعب ازداد عنفا. هذه هي العلامات التي تسبق الدقائق الأخيرة من فترة الاستراحة. إن عمر يعرف ذلك بغريزة التلميذ".
الدار الكبيرة: الحريق: النول ص 22
2 ـ جرس الخروج(نجيب محفوظ):
"غادر الغلام المدرسة، ومع أنه كان لرنين الجرس المؤذن بانتهاء اليوم الدراسي فرحة في نفسه لا تعادلها فرحة في تلك الأيام، إلا أن نسائم الحرية التي نشقها خارج بوابة المدرسة بصدر رحب، لم تمح أصداء الدرس الأخير الحبيب ـ درس الديانة ـ من قلبه".
بين القصرين (1) ص 53
وتذكرنا فرحة الغلام برنين الجرس ببيت الشاعر أحد شوقي عن الصبية الصغار:
لهم جرسٌ مطربٌ في السَّراح ِ وليس إذا جدَّ بالمطربِ
3 ـ صافرة المعمل(ماكسيم غوركي):
"وكانت تتمنى لو تسرع صافرة المعمل فتعلن حلول الظهيرة".
الأم ص 9
4 ـ جرس الكنيسة ( تشارلز ديكنز):
"وكانت ليلة الأحد. وقرع جرس أقرب كنيسة معلنا الوقت. وكان "سايكس" و"فاجين" يتحدثان، ولكنهما تمهلا لكي يصغيا، ورفعت الفتاة بصرها من المقعد الخفيض الذي جثمت فوقه، وأصغت هي الأخرى أيضا، كانت الساعة الحادية عشرة".
أوليفر تويست(2) ص 236
وقد يستعمل الكاتب آلات أو أدوات أخرى للإعلان عن الوقت، كصوت المؤذن أو مدفع الإفطار في رمضان، والبوق في القطعات العسكرية، أو صفير القطار إذا كان يمر كل يوم في وقت محدد، أو ميقات رجل دقيق في مواعيد خروجه ودخوله إلى البيت أو العمل في ساعة معينة لا يقدم ولا يؤخر.
وقد لا يستعمل أي أداة على الإطلاق، ويكتفي بإحساس الشخص الذي يدرك الوقت بحكم العادة:
إحساس أمينة الباطن (نجيب محفوظ):
" فتحت عينيها على ظلام الحجرة الدامس. لم يكن ثمة علامة تستدل بها على الوقت، فالطريق تحت حجرتها لا ينام حتى مطلع الفجر. والأصوات المتقطعة هي التي تترامى إليها أول الليل من سمّار المقاهي وأصحاب الحوانيت، هي التي تترامى عند منتصفه وإلى ما قبيل الفجر، فلا دليل تطمئن إليه إلا إحساسها الباطن كأنه عقرب ساعة واع".
بين القصرين (1) ص 7
الزمن والحالة النفسية:
قد يخرج استعمال الزمن عن إطاره في تنظيم أحداث الرواية، ويستعمله الكاتب لإظهار الحالة النفسية لشخصيته: أو التعبير عن وجهة نظر فكرية أو سياسية:
أ ـ إظهار حالة الشخص النفسية:
1 ـ الخوف من الوقت(نجيب محفوظ):
"عايشت العاصفة من وراء الزجاج، حتى نعمت بالصفاء. شيء حدثني بأن تلك الدراما إنما تحكي أسطورة مطمورة في قلبي، وتخط طريقا مازال غامض الهدف أو تضرب في غمغمة لم تفهم بعد.
دقت الساعة الكبيرة فوضعت إصبعي في أذني حتى لا أعرف الوقت".
الأعمال الكاملة (8) ميرامار ص 123
2 ـ الانتظار(تولستوي):
"فلما سارا زهاء عشر خطوات توقف "فيلارنسكي"، وقال لبطرس: "مهما يحدث لك من أمر فيجب عليك أن تتحمل كل شيء بشجاعة إذا كنت قد عزمت على أن تدخل في جمعيتنا". فأجاب بطرس بحركة من رأسه موافقا. وأضاف فيلارنسكي قوله: "إذا سمعت الباب يقرع فانزع العصابة عن عينيك. أتمنى لك شجاعة طيبة وحظا حسنا"، ثم صافحه وانصرف.
أصبح بطرس وحيدا في الغرفة وظل يتبسم، ورفع منكبيه مرة أو مرتين، وحمل يده إلى العصبة كأنه يريد أن ينزعها أو يتحرر منها، ولكنه لم يلبث أن أنزل يده. إن عينيه لم تعصبا إلا منذ خمس دقاتق، وكانت ساقاه تصطكان وكان شعور بالتعب يرهقه إرهاقا".
الحرب والسلم (2) ص 164
التعبير عن وجهة نظر فكرية أو سياسية:
أ ـ زمن الوثوب(الطاهر وطار):
" لم يكلف نفسه التثبت من الوقت، فذلك يكلفه الخروج عن طقوسه، وإيقاد النور، ثم إنه لا داعي إلى ذلك، في هذه اللحظات،. فما يهم، هو معرفة ما يجري في الخارج، ثم إنه وهو هنالك، قد يسأل أحدهم عن الوقت، وقد يستخرج ساعته الجيبية تحت نور مصباح قوي، ويتعرف على الوقت، هذا إذا كانت هناك ضرورة فعلية لذلك.
بالتأكيد إن زمن ما يحدث حاليا، ابتدأ قبل الآن، لربما قبل الليلة... زمن ما يجري في المدينة، وثبة طويلة شرع فيها منذ وقت بعيد، وما يحصل هو بلوغ الطرف الأخرى من الهوة.
إنه وقع قدمي الواثب.
والمهم هو زمن الوثوب، وليس زمن النزول، فما ذاك سوى محصلة لإرادة نفذت".
الشمعة والدهاليز ص 13
2 ـ التزامن واختلاف الانشغالات(عبد الحميد بن هدوقة):
"الخط المحدب يقترب، ملامح الوجوه تتضح.
الساعة السابعة في الجزائر، الساعة السابعة في باريس، العاشرة في موسكو، التاسعة في القاهرة، الثانية في واشنطن.
فتاة فرنسية في ضاحية من ضواحي باريس تسرح شعرها أمام المرآة، "روني كوتي" في حمامه المنزلي يتأمل شيخوخة جسمه. "إيزنهاور" نائم في فراشه، تغطي وجهه ذراعه اليسرى. "كروتشوف" أمام نافذة زجاجية مغلقة يتأمل أغصانا يابسة في شجرة باسقة. رجل يتناول قهوة في أحد مقاهي القاهرة، ويطالع جريدة. في أعلى الصفحة عنوان ضخم يتحدث عن النجاح الذي لقيته أغنية أم كلثوم الجديدة. ملك عربي يستقبل وفدا لشركة بترولية أمريكية. مجاهد في الجبل منهمك في تنظيف رشاشته".
نهاية الأمس ص 98
قواعد استعمال الزمان:
ونستطيع الآن استنباط بعض القواعد التقريبية لاستعمال الزمان في الرواية:
1 ـ تحديد زمن الرواية صراحة أو ضمنا.
2 ـ بيان تعاقبه أو تزامنه، حسب الأحداث المتعاقبة أو المتزامنة، فلا بد لكل حادث من زمن.
3 ـ استعمال وحدات الزمن من العقد والسنة إلى الثانية، وكذلك الفصول وأوقات الصلاة وكل الأسماء الدالة على الزمن.
4 ـ استعمال ظروف الزمان الدالة على التعاقب والتزامن والمدة.
5 ـ استعمال آلات الزمان المناسبة لبيئة الحدث: ساعة اليد، ساعة الحائط، جرس المدرسة، جرس المعمل، الأذان، أجراس الكنيسة، والاستدلال بالشمس والقمر والنجوم عند الحاجة، واستعمال المزولة أو الساعة الرملية في بعض الروايات التاريخية.
6 ـ استعمال الزمن لأغراض أخرى كالدلالة على الحالة النفسية أو عرض وجهة نظر فكرية أو سياسية.
تمرين 1:
بين وظيفة الزمن، وهل هو مجرد رابط للأحداث ، أم يعبر عن حالة نفسية أو وجهة نظر فكرية أو سياسية؟ وهل يدل على التعاقب أو التزامن أو المدة في الأمثلة الآتية؟، ثم اختر ثلاثة منها ورتبها حسب درجة إعجابك بها ووضح السبب:
1 ـ زمن الحب(نجيب محفوظ):
" لم يكن شيء في الوجود بقادر على أن يستبد بوجدان "رادوبيس" أكثر من ساعة عابرة، لأن عواطفها وإحساساتها جميعا كانت نهب الحب، وملك يدي حبيب طموح لا يقنع من الحب بشيء. كان يطير إلى قصرها الحالم هاجرا قصره ودنياه، غير آسف ولا متردد، فكانا يفران معا من الوجود ويلوذان بنفسيهما العامرتين بالحب".
"كانت أياما لا نظير لها في الأيام. كأنما اشتقت مادتها من الصفاء".
الأعمال الكاملة(3) رادوبيس ص 438
2 ـ زمن العطلة(محمد ديب):
"وجاء شهر آب "أغسطس" ببياضه الخانق فحل محل أضواء الربيع. إن عمر الآن في إجازة الصيف: ثلاثة أشهر لا يقرب فيها المدرسة".
الدار الكبيرة: الحريق: النول ص 63
3 ـ زمن الحرب(همنغواي):
"أقبل كانون الثاني "يناير" وأقبلت معه ليالي البرد القارس، بعد أن تساقطت أوراق الأشجار، مؤذنة بانقضاء الصيف وحلول أيام الشتاء.
كانت الأوضاع في الجبهة تسير من سيء إلى أسوأ، ولم يستطع جنودنا الاستيلاء على "سان جبريل" ولا أن يتقدموا في "بانسيزا". وجرت في المدينة كما جرى في "تورين" مظاهرات ضد استمرار الحرب. وفي النادي الأنجلو- أميركي جلست أتحدث إلى ماجور انجليزي، فأخبرني أن الإيطاليين فقدوا 150 ألف مقاتل في جوار "بانسيزا"، وأن أربعين ألفا آخرين قد فقدوا في ناحية "كارسو" ثم تابع حديثه قائلا: "إن فصل القتال قد انتهى هذا العام. وإن شعب إيطاليا قد تحمل فوق طاقته، وإن الهجوم قد فشل في "الفلاندرز". وإنه إذا تمكن الألمان من إفناء عدد كبير من جنود الحلفاء، كالعدد الذي أفنوه هذه السنة، فإن ذلك يعني انهيار الدول المتحالفة".
وداعا أيها السلاح ص 100
4 ـ زمن الفراق والغربة(مولود فرعون):
"غادرنا إيغيل نزمان على الساعة الخامسة صباحا، في يوم من أيام شهر أبريل بطبيعة الحال. القرية لا تزال نائمة والنادي يسود فيه الصمت العميق، ومررنا على النادى بخطوات ثابتة هي خطوات الرجل المبكر الذي يذهب ليكسب قوت يومه. سيارة النقل في الانتظارعلى بعد كيلومتر من الدار في القرية المجاورة، وستقلع على الساعة الخامسة والنصف. وشعرت بلوعة الفراق وشدة الحزن، وأحسست على خدي قريبا من الأذن بمنطقة لا تزال مبللة، ولعل دموع أمي هي التي بللتها".
الدروب الوعرة ص 231
5 ـ زمن التأمل(تولستوي):
"لم يجب "بطرس"، فقد كان لا يسمع شيئا ولا يبصر شيئا. وكانت تأملاته منذ آخر محطة تدور على موضوع يبلغ من الخطورة أنه كان لا يولي ما يحدث من حوله أي انتباه. كان لا يهمه كثيرا أن يصل إلى "بطرسبرج" متقدما ساعة أو متأخرا ساعة. كان لا يهمه كثيرا بالقياس إلى الأفكار التي تدور في رأسه: أن يقضي في هذا المكان بضع ساعات لا أكثر أو أن يبقى فيه حياته كلها".
الحرب والسلم (2) ص 143
6 ـ زمن الجوع والبرد(باسترناك):
"وأقبل الشتاء، نفس الشتاء المألوف المتوقع. لم يكن شتاء مخيفا مثل شتاء السنتين اللاحقتين، ولكنه كان مع ذلك من نوعهما: أيام سوء، من جوع وبرد، تنفق في مراقبة تحكيم كل ما كان مألوفا من قبل، وتغيير كل أسس الحياة.. وفي بذل جهود غير إنسانية للقبض على ناصية الحياة وهي تفلت من بين أصابعه!
ثلاثة فصول شتاء، متتابعة، رهيبة! وليست جميع الأحداث التي يبدو وأنها حدثت في شتاء 1917 ـ 1918 قد حدثت بالفعل في ذلك الشتاء، فإن بعضها قد يكون حدث في شتاء تال. ولكن تلك الفصول الثلاثة المتتابعة قد اختلطت الآن في الذاكرة، بعضها ببعض، بحيث صار من العسير التفريق بينها".
دكتور جيفاغو ص 316
7 ـ زمن القيلولة(محمد ديب):
"إن سكان البيت يقبعون الساعة في غرفهم، دار سبيطار تستريح في هذه الفترة من النهار. هذا وقت القيلولة، يكاد المرء يحس في هذه الأيام الأولى من شهر آذار "مارس" أنه في فصل الصيف".
الدار الكبيرة: الحريق: النول ص 50
8 ـ زمن الثورة والاستقلال(الطاهر وطار):
"دهر كامل من الحرمان والشقاء، وسبع سنوات من الحرب الضروس، تكفي ليلتفت الناس إلى شؤونهم وشؤون أهليهم. والشعب الجزائري، إذا ما أراد ذات يوم أن يلتفت إلى الوراء، لزمه توقف كامل. فهذا الوراء جبال وكتل من الآلام والجراح والمتاعب، من البطولات والانخذالات والانكسارات، تبلغ أحيانا كثيرة حدا لا يصدق الإنسان أن طاقة بشرية ما تتحمله.
ها الاستقلال بين أيدينا. ها كل شيء قد صار لنا، فلنواجه المستقبل، غاضين النظر عما قد كان".
الشمعة والدهاليز ص 78
9 ـ الزمن الجائر(نجيب محفوظ):
"وكان الزمان الذي يمنح قوما الصفاء والسعادة، يتجهم لوجه رئيس الوزراء، وكبير الكهنة "خنوم حتب". كان الرجل يقبع في دار الحكومة يراقب الأمور بعينين متشائمتين".
الأعمال الكاملة (3)رادوبيس ص 438
10 ـ الوقت الزاحف(ليلي بعلبكي):
"أنا أنتظر، أنتظر، والوقت يزحف، ويزحف. أتمنى لو كان الوقت شيئا ملموسا لتجاهلت وجود الناس حولي، وانقضضت عليه أنهشه بأظافري، وأمضغ أشلاءه بسناني، ثم ألفظه على الأرض لينزوي بين قدمي خائفا صاغرا. إن قلت له: "قف"! جمد! وإن أمرته بالتحليق غاب عن الحياة، وأنا ممسكة زمامه، مستلقية بين جناحيه! أنا أنتظر. ولن أتحمل الانتظار أكثر من ذلك".
أنا أحيا ص 11
11 ـ الفلسطينيون والزمن(ليلي عسيران):
"والأمس ليس البارحة، الأمس هو الماضي الذي بعثرنا، وفتتنا بعيدا وراء حدود العالم، حيث اللامكان، وحيث يتوقف الزمن. وأمسنا ليس البارحة، لأن أمسنا هو نحن، وأصالتنا هي امتداد التاريخ وتعاقب القرون من خلال وجودنا".
خط الأفعى ص 74
12 ـ تاريخ ميلاد يتيم في الملجأ (تشارلز ديكنز):
"وفي هذا الملجأ ولد ذات يوم من الأيام وفي تاريخ لن أكلف نفسي عناء النص عليهما ـ إذ لا يمكن أن يكون لهما أية أهمية بالنسبة إلى القارئ في هذه المرحلة من الأحداث على أية حال ـ المخلوق البشري الذي صدرنا باسمه هذا الفصل "أوليفر تويست".
أوليفر تويست (1) ص 9
تمــــرين 2:
إستخرج من الرواية التي تطبق عليها بعض استعمالات الزمن، وحدد نوعها إن كانت دالة على التعاقب أو التزامن أو المدة أو الحالة النفسية.
تمرين 3 :
1 ـ عدد بعض الأحداث التي قرأتها في دروس التاريخ هذا العام مستعملا أزمانا تدل على التعاقب والتزامن والمدة.
2 ـ اكتب ملخصا ليومياتك المدرسية خلال أسبوع، مستعملا الأزمان المناسبة.
لقراءة الفصل التالي انقر هنا: الفصل الأول: وصف الأماكن
لقراءة الفصل السابق انقر هنا: الفصل الأول: وصف الأحداث وسردها
للاطلاع على فصول الكتاب كاملة، انقر هنا: فن الكتابة: تقنيات الوصف