خاتمــــة  كتاب "فن الكتابة: تقنيات الوصف"

للكاتب: عبد الله خمّار

وبعد ،

        ألا تستحق هذه النصوص الروائية المختلفة في الوصف الخارجي والداخلي، ووصف الانفعالات والمشاعر، والمكان والزمان والأحداث والمشاهد الطبيعية وكذلك العلاقات الإنسانية والمواضيع ، أن تدرس بعناية تماثل العناية التي كتبت بها، ويخصص لها القارئ قليلا من وقته مثلما خصص لها الكاتب معظم وقته، أما تلخيصها  وتقديمها في حصة واحدة أو حصتين فيعني مسخها وتشويهها فالتلخيص يعني حذف ما يمكن حذفه، وما الذي يمكن حذفه في الرواية الجيدة ؟

        الرواية كل لا يتجزأ و يجب أن تدرس كاملة إذا كانت تستحق ذلك، أو أن لا تدرس أبدا إذا كانت رواية تافهة. على المدرسة أن تتأثر بالرواية، وعليها أن تؤثر في الروائيين، وتدفعهم إلى الكتابة بجد وبلغة راقية، وأن يكونوا أصحاب رسالة لاطلاب شهرة مؤقتة بطريقة خالف تعرف، فالقيم هي الباقية، و هناك رواية تبني ورواية تهدم، ونحن معنيون بتلك التي تبني الأسرة و المجتمع دون أن تحط من قيمة الفرد، تدافع عن الحقوق والفضائل، و لا تسخر من العقائد، تدعو إلى التسامح في غير انحلال، و إلى التمسك بالمبادئ و القيم في غير تزمت .

وبـــــــعد،

        لقد حاولت أن أكشف للقارئ في هذا الكتاب بعض اللآلئ من كنوز الرواية، محاولا إغواءه وإغراءه بالغوص ليأتي بمثيلاتها، وحاولت أن أزوده ببعض قواعد الغوص التي يهتدي بها الغواص في بحثه عن اللآلئ و إنما هي قواعد ليست ثابتة وليست ملزمة وهو حين يغوص مرات ومرات سيكتشف قواعد جديدة خاصة به تتلاءم مع شخصيته وطباعه وتجربته في الغوص .

        فمن قرأ هذا الكتاب، ولم يقم بالتمارين الكتابية المطلوبة منه، فقد بقي على الشاطئ ولم يغص، ولم يستفد منه إلا بعض المعلومات النظرية التي لا تساعده على تحقيق الغاية التي استهدفها هذا الكتاب ، ولا بد من أن يعود إلى البداية إذا أراد الاستفادة .

        ومن أجرى بعض تمارين هذا الكتاب أوجلها، فقد استفاد بقدر ما أجراه من التمارين، وكلما زاد غوصه زادت تجربته في طرق استخراج اللالئ، وكلما ازداد غوصه عمقا كان حظه في اصطياد اللالئ الكبيرة النادرة كبيرا .

        و لا ننسى أن الكاتب يصبح كاتبا كبيرا بالموهبة و المثابرة على القراءة و الكتابة، و من ظن بأن الكتابة وحي وإلهام فحسب، فلينتظر أن يلهمه شيطانه ثلاثية مثل ثلاثية محمد ديب أو نجيب محفوظ أو رواية مثل رواية الحرب و السلام لتولستوي أو البؤساء لهيغو، وسيطول انتظاره وسيدوم لأن كلا من هذه الأعمال احتاج إلى كد سنوات من الجهد المضني الدؤوب ليصبح عملا خالدا على مر الأجيال .

        وفي الختام أرجو أن يفيد هذا الكتاب القارئ العربي في كل مكـــان .

لقراءة مصادر ومراجع كتاب فن الكتابة انقر هنا: المصادر والمراجع

لقراءة الفصل السابق انقر هنا: الفصل الرابع: وصف المشاهد الطبيعية

للاطلاع على فصول الكتاب كاملة، انقر هنا: فن الكتابة: تقنيات الوصف