لقاء الأصدقاء - تولستوي

                       Les Retrouvailles -Léon Tolstoï                        

  

  "اقترب بطرس من الباب بخطى سريعة، فاصطدم على عتبته بالأمير آندره الذي كان مقبلا عليه كالح الهيئة هرم الوجه، فاحتضنه بطرس بذراعيه، ونزع عن عينيه نظارتيه، وقبله من الخدين، وأحذ يتفرس فيه عن قرب.

قــال الأمير آندره:

  ـ غريب! لم أكن أتوقع هذه الزيارة! ما أسعدني بك!

  لم يقل بطرس شيئا. وكان ينظر إلى صديقه مدهوشا لا يحيل عنه بصره لقد أذهله هذا التبدل الذي طرأ على آندره. صحيح أن كلماته كان فيها مودة، وأن شفتيه كانتا هما ووجهه تبتسمان، ولكن نظرته كانت منطفئة، ميتة وكان رغم رغبته الواضحة لا يفلح في أن يسبغ على نظرته شيئا من بريق الفرح والمرح. لم يكترث  بطرس بما أصاب صديقه "بولكونسكي" من هزال وشحوب وشيخوخة. ولكن هذه النظرة الميتة، وهذا الغضن في الجبين، وهما دليلان على أن فكر صاحبهما قد تركز زمنا طويلا على موضوع واحد بعينه، قد أذهلا بطرس وأشعراه بأنه بعيد عن صديقه، لأنه لم يعهده فيهما من قبل قط.

  وكما يحدث دائما بعد فراق طويل، لم يقم الحديث بين الصديقين إلا في بطء، وكانت الأسئلة والأجوبة في أول الأمر لا تتناول إلا في اقتضاب شديد تلك الموضوعات التي كانا يعلمان أن عليهما أن يتوقفا عليها، ويتلبثا عندها. ثم أخذ حديثهما ينصب شيئا فشيئا على هذه الموضوعات التي لم يمساها في البداية إلا مسا خفيفا، فأخذا يتكلمان عن حياتهما الماضية، وعن مشاريعهما في المستقبل، وعن الرحلة التي قام بها بطرس، وعن مشاغله، وعن الحرب، وما إلى ذلك ، وكان الذبول والانهيار اللذين لاحظهما بطرس في نظرة الأمير آندره يظهران الآن واضحين مزيدا من الوضوح في الابتسامة التي تصحب إصغاءه إليه، ولا سيما حين تحدث بحماسة فرحة عن الماضي والمستقبل. كان الأمير آندره كمن يتمنى أن يهتم بما يسمعه من صديقه بطرس، ولكنه لا يفلح في ذلك. وأخذ بطرس يشعر أن الحديث عن حماسته وأحلامه وآماله في السعادة والفضيلة أمام آندره ليس في محله."

        الحرب والسلام (2) ص 222

الأسئلة:

1- ما الذي عكر صفو لقاء الصديقين بعد فراق طويل؟

2- علام يتركز حديث الصديقين عادة عند لقائهما بعد فراق طويل؟ وما تعني عبارة "وكانت الأسئلة والأجوبة في أول الأمر لا تتناول إلا في اقتضاب شديد تلك الموضوعات التي كانا يعلمان أن عليهما أن يتوقفا عليها ويتلبثا عندها."؟

3- ماذا كان يتمنى آندره حينما كان بطرس يتكلم عن آماله وأحلامه بحماس؟ وبماذا شعر بطرس؟ وما الذي يكشفه لك تصرفهما من صفاتهما وأخلاقهما؟

4- أي الصديقين  يجب أن يراعي شعور الآخر عند اختلاف حالتهما النفسية، السعيد أم الشقي؟ علل إجابتك.

5- استخرج العبارات التي تدل على انفعالات كل من الطرفين، وبين نوعها.

 

من كتاب: تقنيات الدراسة في الرواية: العلاقات الإنسانية

                    الفصل الخامس: جوانب من علاقة الصداقة