أمينة وأولادها - نجيب محفوظ
Aminah et Ses Enfants -Naguib Mahfouz
"ولما استفرغا جهدهما نهض الغلام (كمال) ليذهب إلى حجرة النوم فتبعته حتى اندس في فراشه الصغير، ثم وضعت راحتها على جبينه وتلت آية الكرسي، وانحنت فوقه وطبعت قبلة على خده فأحاط عنقها بذراعه. ورد بقبلة طويلة صادرة من أعماق قلبه الصغير. وكانت تلقى دائما صعوبة في التخلص منه عند توديعه مساء، لأنه كان يبذل كل حيلته ليستبقيها إلى جانبه أطول مدة ممكنة إن لم يفز باستبقائها حتى يغيب في نومه وهو بين ذراعيها. ولم يجد وسيلة لبلوغ غايته خيرا من أن يطلب إليها أن تتلو على رأسه ـ إذا اختتمت آية الكرسي، سورة ثانية ثم ثالثة. حتى إذا آنس منها ابتسامة اعتذار توسل إليها معتلا بخوفه من وحدته في الحجرة أو بما يتراءى له بها من أحلام مزعجة لا تدفعها إلا تلاوة طويلة للسور الشريفة."
"وراحت وهي تتلو الآيات على رأسه حتى غافله الكرى، فودعته بابتسامة رقيقة وغادرت الحجرة، واتجهت إلى الحجرة التالية، ففتحت بابها في خفة ونظرت صوب فراش لاح شبحه في جانبها الأيمن. وتساءلت في رقة: "نمتما؟" فجاءها صوت خديجة وهي تقول:
- كيف يتأتى لي النوم وشخير ست عائشة يملأ علي الحجرة؟!
ثــم سمع صوت عائشة وهي تقول في نبرات ناعسة:
- ما سمع أحد لي شخيرا قط، ولكنها لا تدعني أنام بثرثرتها المتواصلة.
فقالت الأم في عتاب:
- أين وصيتي لكما بأن تكفا عن هذركما وقت النوم؟
وردت الباب وسارت إلى حجرة الاستذكار فطرقت بابها بخفة ثم فتحته وأدخلت رأسها وهي تقول باسمة:
- أفي حاجة إلى خدمة يا سيدي الصغيـــر ؟
فرفع فهمي رأسه عن الكتاب وشكرها مشرق الوجه بابتسامة لطيفة، فردت الباب وابتعدت عنه وهي تدعو لفتاها بالفلاح وطول العمر، ثم عبرت الصالة إلى الدهليز الخارجي وارتقت السلم إلى الدور الأعلى حيث توجد حجرة نوم السيد وصوتها يسبقها تاليا الآيات."
بين القصرين (1) ص 75 ـ 76
الأسئلة :
1- لماذا كانت "أمينة" تقوم بجولتها الليلية قبل الذهاب للنوم؟
2- علام يدل تمسك ابنها الصغير بها، وحوار فهمي وأختيه معها؟
3- ما الوصف الذي تراه مناسبا لها: أم متسلطة، حازمة، ضعيفة، حنونة؟ علل إجابتك.
4- يوحي عدد الغرف المخصصة للأولاد بغنى الأسرة، فهل تعتقد أن الغنى والفقر لهما أثر في حب أو حنان الأم، وأن الأم الغنية أكثر عطفا وحنانا من الأم الفقيرة؟ وضح إجابتك بأمثلة من الواقع.