أنتِ قَدَري

أخرجت من جيبي ورقة مطوية وفتحتها وسلمتها لها.

ـ "ما هذا؟"

ـ "قصيدة".

ـ "مكتوبة بالعربية؟"

ـ "نعم".

ـ "عم تتحدث؟"  

ـ "إنها جواب سؤالك".

ـ "أي سؤال؟"

ـ "هل كنت أحبك لو لم تكوني جميلة؟"

فظهرت على وجهها علائم الفرحة والفضول. قالت: "ترجم لي ما كتبته فيها".

أخرجت ورقة ثانية من جيبي، وقلت: "ترجمة الشعر صعبة، وهذه محاولتي الأولى في ترجمته. إليك الترجمة الفرنسية".

تبدأ القصيدة بالمقطع الآتي:

"حبيبتي

سِيّانِ عِندي أنْ تكوني أجْملَ النّساءْ

أو أنْ تكوني امرأةً دميمةً شوْهاءْ 

سِيّانِ عندي أنْ تكوني شُعلةً مِنَ الذّكاءْ

أو دُمْيَةً بَلهاءْ

فالحبّ يا آسرتي قَضاءْ

وقدرٌ من السّماءْ

وأنْتِ أنْتِ قَدَري

ولا مَرَدّ للقضاء ْ

والحبّ يجعلُ منكِ أجملَ النّساءْ وأعقلَ النّساءْ".

قرأتْ جانين ترجمة المقطع الأول وانتقلت إلى المقطع الثاني:

"سِيّانِ عِندي أن تكوني عفةً عذْراءْ

أو ثيّباً تأْثَمُ دونَما حَياءْ

فالحبّ يجعلُ منك أشرفَ النّساءْ وأطهرَ النّساءْ".

قرأت بقية القصيدة، ويبدو أنها فوجئت بها فعلّقت: "ما أرقّ وأعذب ما قلته، أنت شاعر وفنان وحساس".

كان نثرها أروع كثيرا من شعري، وأعذب ما يسمعه الرجل مديح غادة حسناء له. سألتها: "هل أجبت عن سؤالك؟"

قالت بدلال: "جوابكَ بليغ ولكنه غير مقنع". وأضافت: "المهم أنه أسعدني". أشارت إلى القصيدة المكتوبة بالعربية معلّقة: "أنا أعرف هذا الخط منذ صغري. كنت في الثانية عشرة حين استضافت أسرتي طالبا سوريا يدرس في بيزانسون. أهداني كتاباً عن السّندباد البحري من قصص ألف ليلة وليلة مكتوبا بالعربية وبالفرنسية. كنت أنظر إلى الصفحات المقابلة للصفحات الفرنسية نظرتي إلى طلاسم. هذه اللغة التي تشبه الزخارف كيف أستطيع فك طلاسمها؟ وقد قرأت الكتاب بالفرنسية عدة مرات وما زلت أحتفظ به". ثم نظرت إليّ قائلة: "عدني أن تساعدني في المستقبل على تعلم العربية".  

ـ "أعدك". واتفقنا على اللقاء في الخميس القادم في الموعد نفسه، وبدأت بذلك مغامرة حبنا المثيرة.

                                                                                              عبد الله خمّار

                                                                                        الثلاثي الأول: بريء أم مذنب أ

                                                                                  من رواية "جرس الدّخول إلى الحصّة"