العدل والحضارة
فجأة خرج أمامنا من أحد الفيلات الناظر سالم الزين. تجاوزته السيارة. نظرت إلى الخلف فوجدته يركب في سيارته الـ"دو شوفو". لا شك أنه كان يزور السيد عبد العظيم. لا أعرف فيلا السيد عبد العظيم لكن خالي العروسي الذي حضر فيها خطبة ابنة أحد معارفه حدثني عن فخامتها، وبذخ صاحبها، وعن قاعاتها المتنوعة ذات الطراز الجزائري بأبعاده التاريخية المتنوعة في معمارها وأثاثها وفرشها واللوحات الفنية التي تزين جدرانها. استغربت ما قاله لي خالي ساعتها حين استنكرت هذا الإثراء غير المشروع: "لا بد من وجود طبقة ثرية تشجع العمران، وتبني القصور الفخمة لأنها تبقى تراثا للبلاد وعنوانا للحضارة. هؤلاء هم الذين يشجعون الفنون الجزائرية، ويقتنون لوحات الفنانين الجزائريين ويعرضونها. ويشترون الكتب، فيشجعون الأدب والأدباء، والمطربين والموسيقيين الجزائريين. نحتاج إلى طبقة ثرية متنورة تتذوق الجمال للنهضة بالأدب والفن الجزائري بكل أنواعه". وأضاف كأنه يجيب على ما قرأه في عيني من استنكار: "لو كانت الدنيا كلها زُهّاداً مثلي لما عمرت الأرض".
ما زلت أفكر فيما قاله خالي. أراه بمنظار العدل فلا أستسيغه. وأراه بمنظار الحضارة فلا أستهجنه. والعدل والحضارة لا ينظر إليهما بمنظار واحد. وأتساءل مع ذلك: "ما نوع الحضارة التي يمكن أن يبنيها أمثال السيد عبد العظيم الذي يريد إنجاح ابنه بالغش؟"
عبد الله خمّار
من رواية "جرس الدّخول إلى الحصّة"