أنا وجانين
بيننا إرث الماضي بأمجاده وأحقاده.
يفصل بيننا جغرافيّاً بحرٌ متلاطمُ الأمواجْ، متقلّب المزاجْ. تقف على ضفته الشمالية، وأقف على ضفته الجنوبية.
ويفصل بيننا تاريخيّاً بحر من الدماء والدموع. فهي سليلة شارلمان وشارل مارتل وفيليب الثاني ونابليون وكليبر وبيجو وكل جنرالات فرنسا وأنا سليل يوغورطة وهارون الرشيد وطارق بن زياد وصلاح الدين وسليمان الحلبي والأمير عبد القادر والمقراني وكل المجاهدين.
هي مسيحية كاثوليكية تنتتمي إلى الحضارة الغربية المسيحية وأنا مسلم سنّي أنتمي إلى الحضارة العربية الإسلامية.
هي ابنة بيزانسون في حضن الغابات والجبال المتعرجة صعودا وهبوطا في قمم وسفوح ووديان. وأنا ابن بوسعادة واحة الصحراء المنبسطة على مد النظر.
هي من بلد السحب والأمطار. وأنا من بلد الشمس الساطعة طيلة العام.
هي بيضاء شقراء خضراء العينين. وأنا أسمر أسود الشعر والعينين.
هي تحمل إزميل المثالين الإغريقيين وريشة ميشيل أنجلو ودافنشي ورونوار. وتستلهم "ميوز" ربة الجمال في جبل الأولمب. وأنا أحمل قلم امرىء القيس والمتنبي والحصري القيرواني ومحمد العيد آل خليفة، وأستلهم شياطين الشعر في وادي عبقر.
هل يمكن أن نطوي سجل الماضي، ونفتح سجل المستقبل؟
يجمع بيننا حب الفن الذي يصنع الجمال.
كلانا أستاذ يشارك في زرع قيم الحق والخير والجمال. ويساهم في نشر العلم والمعرفة.
كلانا شاب محب يريد بناء المستقبل.
كلانا واع بالاختلاف مع الآخر ويحترم عقيدته وأعرافه. ويؤمن بالمساواة التامة بين الناس.
يجمع بيننا فوق ذلك الحب الذي لا يأبه باختلاف الأعراق والأديان والثقافات واللغات. الحب الذي يعيدنا إلى طبيعتنا الأولى : شخصين مجردين من كل شيء إلا من إنسانيتهما، ومن انجذاب كل منهما إلى الآخر انجذاباً طبيعيا، دون اكتراث بالاختلافات التي اصطنعها البشر.
هل يمكن أن نبني المستقبل معا؟؟؟
عبد الله خمّار
من رواية "جرس الدّخول إلى الحصّة"