المعاملة الخاصّة - طه حسين

Traitement Spécial  -Taha Hussein

        " كان سابع ثلاثة عشر من أبناء أبيه، وخامس أحد عشر من أشقائه. وكان يشعر بأن له بين هذا العدد الضخم من الشباب والأطفال مكانا خاصا يمتاز من مكان إخوته. أكان هذا المكان يرضيه؟ أكان يؤذيه؟ الحق أنه لا يتبين ذلك إلا في غموض وإبهام. والحق أنه لا يستطيع الآن أن يحكم في ذلك حكما صادقا. كان يحس من أمه رحمة ورأفة، وكان يجد من أبيه لينا ورفقا، وكان يشعر من إخوته بشيء من الاحتياط في تحدثهم إليه ومعاملتهم له. ولكنه كان يجد إلى جانب هذه الرحمة والرأفة من جانب أمه شيئا من الإهمال أحيانا، ومن الغلظة أحيانا أخرى. وكان يجد إلى جانب هذا اللين والرفق من أبيه شيئا من الإهمال أيضا، والازورار من وقت إلى وقت. وكان احتياط إخوته وأخواته يؤذيه؛ لأنه كان يجد فيه شيئا من الإشفاق مشوبا بشيء من الازدراء.

        على أنه لم يلبث أن تبين سبب هذا كله، فقد أحس أن لغيره من الناس عليه فضلا، وأن إخوته وأخواته يستطيعون ما لا يستطيع، وينهضون من الأمر لما لا ينهض له. وأحس أن أمه تأذن لإخوته وأخواته في أشياء تحظرها عليه. وكان ذلك يحفظه (أي يغضبه). ولكن لم تلبث هذه الحفيظة أن استحالت إلى حزن صامت عميق، ذلك أنه سمع إخوته يصفون ما لا علم له به، فعلم أنهم يرون ما لا يرى."

الأيام ص 23

الأسئلة :

1- لماذا كان كل من في البيت يعامل طه معاملة خاصة؟ وما مظاهر هذه المعاملة؟

2- لماذا شعر الكاتب بالغضب؟ وإلي أي شيء استحال هذا الغضب؟ ولماذا؟.

3- هل الإعاقة تمنع الإنسان من التفوق؟ وكيف يستطيع أن يتغلب على قيود إعاقته في نظرك.؟

4- هات أمثلة من الواقع عن معاقين استطاعوا التغلب على إعاقتهم والتفوق في مجالات مختلفة (ثقافية، فنية، رياضية الخ...)

 

من كتاب: تقنيات الدراسة في الرواية: العلاقات الإنسانية

                     الفصل الرابع: جوانب متنوعة من الروابط الأسرية