ليس كل ما يلمع ذهباً - شكسبير
Tout Ce Qui Brille N'Est Pas Or - Shakespeare
تمهيد للنص: عملت "بورشيا" الوارثة الحسناء الثرية القاطنة في "بلمونت" بإيطاليا، بوصية والدها، فاشترطت على خطابها أن يختاروا من بين ثلاث علب، ذهبية، وفضية، ورصاصية، وهي العلبة التي فيها صورتها، فمن اختارها تزوجت منه على الفور، وأن يقسم قبل الاختبار ألا يذكر لأحد في حالة إخفاقه أي علبة اختار، وأن يكف عن خطبة أي فتاة أخرى، وأن يغادر قصرها على الفور. وغادر أكثر الأمراء والنبلاء القصر رافضين الشروط، وبقي منهم ثلاثة قبلوا بها هم أمير مراكش، وأمير أراغونة، وشاب من مدينة البندقية اسمه "بسانيو" أحبته بورشيا، ولكنها عرضته للاختبار كالآخرين تنفيذا لوصية والدها":
" أمير مراكش: ( مفكرا) الأولى من الذهب، وهي تحمل هذه العبارة:
" سينال من يختارني ما يرغب فيه الكثير من الناس"
والثانية من الفضة، وقد نقش عليها هذا الوعد: " سيظفر من يختارني بما هو جدير به"
وأما الثالثة وهي من الرصاص المعتم، فعليها تحذير لا يقل عن لونها قتاما: "يجب على من يختارني أن يعطي وأن يقامر بكل ما يملك".
تاجر البندقية ص 115
وقد وقف الأمير مليا أمام العلب الثلاث، وعلق على كل واحدة منها، ونترك للقارئ أن يعود إلى المسرحية، ليرى ما قاله عن كل علبة، ولماذا اختار الذهبية، وننتقل به إلى ما وجده فيها:
( يفتح أمير مراكش العلبة الذهبية)
" ياللجحيم! ماذا أجد هنا؟ جمجمة عظمية لميت، وفي عينيه المثقوبة رسالة مكتوبة! سأتلو ما بها. يقرأ:
" طالما استمعت للحكمة التي تقول: ليس كل ما يبرق ذهبا، وكم من رجل باع حياته ليشاهد منظري الخارجي لا أكثر. إن الديدان تسعى داخل القبور المموهة بالذهب! ولو أن عقلك كان يعادل شجاعتك، وكانت لك حكمة الشيوخ في جسم الشاب، لما كان جوابك هذه الرسالة! وداعا لقد أخفقت خطبتك".
ص 122
ونفذ الأمير الشرط مغادرا على الفور، ووقف أمير أراغونة أمام العلب واختار الفضية، ووجد فيها صورة معتوه ورسالة تنبئ بأن من يختار هذه العلبة أبله.
وجاء دور " بسانيو" ووقف بدوره أمام هذه العلب معلقا على كل منها:
" بسانيو: قد لا تتفق مظاهر الأشياء مع حقائقها، فالبهارج تخدع الناس على الدوام. وما من دافع يثار أمام المحاكم مهما يكن باطلا إلا أخفت عوراته وعيوبه فصاحة المحامي الذي ينهض به.
وهل يوجد في الدين زيغ أو ضلال- مهما كان هذا الضلال ملعونا بغيضا- إذا قام من رجال الدين من يتظاهر بالتقى، ويؤكد سلامته بنص من الكتاب المقدس، ويخفي ذلك الزيغ البغيض بحلية أنيقة رقيقة!؟
وما من رذيلة إلا تتراءى متشحة بزي الفضائل التي تخفي مظهرها الحقيقي.
وما أكثر الجبناء الذين تطير قلوبهم شعاعا، وكأنهم درج من الرمال، بيد أن ذقونهم تزدان بلحية البطل "هرقل" أو لحية "مارس" ذي الوجه العبوس. وإذا نحن خبرناهم وجدناهم خائرين، غير أنهم يتكلفون البطولة، لكي يخدعوا الناس عن حقيقتهم فيحسبوهم بسلاء.
وانظروا إلى الجمال، فإنه يشترى وزنا، غير أن الطبيعة تحدث معجزة في هذا الصدد، فإن أكثر النساء زينة، أكثرهن نزقا وخفة عقل.
وبعد تأمل أعلن بسانيو اختياره:
" بسانيو: لذلك فإني لا أبتغي منك شيئا أيها الذهب البراق، ياطعام "ميداس" الصلب ولا منك أيتها الفضة، فما أنت سوى ذلك المعدن الشاحب المتداول بين الناس.
أما أنت، أنت أيها الرصاص الرقيق، الذي ينذر ويتهدد أكثر مما يعد، فإن سذاجتك الصامتة تثيرني أكثر مما تثير الفصاحة، وها أنا أختارك، آملا أن تكون هنائتي عقبى هذا الاختيار!".
ص 166
ويفتح "بسانيو" العلبة الرصاصية فيجد فيها صورة "بورشيا" الحسناء فيطير من الفرح، ويتغزل بالصورة غزلا رقيقا، ثم يقرأ الرسالة المصاحبة للصورة:
"أنت يا من لا ينساق في اختياره وراء الطلاء الخارجي، ليكن حظك باهرا، واختيارك سديدا، وما دمت قد أصبت هذا الحظ العظيم، فلتكن به قنوعا، ولا تبحث عن سواه، فإذا قرت عينك بهذا، وأدركت أنك حققت به أقصى ما تصبو إليه من سعادة، فتوجه إلى غادتك واستأذنها في قبلة غرام".
تاجر البندقية ص 171
الأسئلة:
1- ما الأمثلة التي أوردها "بسانيو" عن انخداع الناس بالمظاهر؟
2- علام يدل قبول الخطاب الثلاثة بشروط "بورشيا"؟
أ- على غرورهم.
ب- حبهم للمغامرة.
ت- حبهم للأميرة.
ث- شجاعتهم.
ج- تهورهم.
علل إجابتك.
3- ما الذي يكشفه لنا اختيارهم للعلب من صفاتهم؟
4- هل تقبل أن تعرّض لاختبار من هذا النوع في سبيل من تحب؟ علل إجابتك.
5- من هو "ميداس" المذكور في المقطع ما قبل الأخير؟ وما قصته مع الذهب؟ استعن بإحدى الموسوعات أو قواميس الأعلام لمعرفة الجواب.
6- لماذا يعشق الناس المظاهر ويتمسكون بها ؟ أورد أمثلة من الواقع عن تمسك الناس بالمظاهر.
7- هات مثلا شعبيا أو عربيا قديما أو أوربيا يتحدث عن اغترار الناس بالمظاهر.
8- ما غرض " شكسبير" من النص؟
9- بين الأساليب التي استخدمها في عرض موضوعه من خلال المقاطع الخمسة المختارة من النص.
10- ما الانفعال الذي اعترى أمير مراكش عند فتح العلبة؟ وما الانفعال الذي اعترى بسانيو؟
من كتاب "المواضيع الاجتماعية"