زواج العامل المهاجر - مولود فرعون
Le Mariage D'Un Immigré -Mouloud Feraoun
"وصل هذا الشاب ذات يوم إلى البلاد عائدا من مدينة "تور كوينج" فقال لزوجته ليضعها أمام الأمر الواقع:
- ياهذه، أنا فقير. وجميع الناس يعرفون بأنني لا املك شيئا في "إيغيل نزمان". أما في مدينة "توركوينج" فلي على الأقل عمل في أحد مصانع الغزل والنسيج. والبنات في هذا المصنع كثيرات. وما بقي لي إذن سوى أن أطلب منك الرجوع إلى أهلك، وأن تتزوجي مرة ثانية مع من تريدين. أما أنا، فقد قررت نهائيا أن أعود إلى هناك.
وقال له القاضي الذي رفعت إليه قضية الطلاق هذه:
- إنك ترتكب غلطة فادحة. وإذا أردت مني النصيحة، فالأفضل أن تأخذها معك إلى "توركوينج" ولن تجد معها إلا الخير...
فقال الشاب لزوجته:
- هل توافقين على الذهاب معي إلى مدينة "توركوينج"؟
- موافقة. وهل هي بعيدة؟
- بل قريبة. هيا بنا إذن.
وحينما وصل الزوج إلى "توركوينج" لم يجد سكنا لأنه لم يكن له سوى ولد واحد، وادعت مصالح البلدية انه لابد من ولدين لكي يسجل اسمه في قوائم الإسكان.
وألح الزوج عليهم في الطلب، وقال لهم:
- سجلوني في هذه القوائم، وسأعود إليكم بعد عشرة أشهر مستوفيا لجميع الشروط.
وهكذا حصل على سكن في "توركوينج"، وظل يعمل ويكدح هناك في مصانع الغزل والنسيج في شمال فرنسا.
وآخر ما يروى عن هذا الشاب من أخبار أن زوجته عادت من جديد إلى "إيغيل نزمان" وبصحبتها طفلان، بعد أن كان لها طفل واحد. أما الزوج فقد بقي هناك، وما لبث أن عوض عن بنت بلاده بفتاة من "فلاندرة" كان قد تعرف بها.
ولكن، ماذا حدث بينهما بالضبط؟ لقد قال البعض بأن صورة زوجته نشرت مكبرة على الصفحة الأولى من إحدى المجلات الأسبوعية، وإن أبناء بلاده ممن يشتغلون في تلك المنطقة صاروا يقبلون الصورة أمامه بطريقة ماجنة. وأخفقت جميع محاولاته للاهتداء إلى هذا الصحافي الوقح، غير أن هذه القضية سببت له عدة مشاجرات، فلم ير بدا من أن يتخلص من امرأة فقدت شرفها. ويقال أيضا إنه لم يتأسف على فراقها، وأنه عوض عنها بأحسن منها...
لا والله... ما من شك في أن كل هذه الأمور ليس فيها شيء من الجد. وإذا نظر الإنسان إلى الزواج في "إيغيل نزمان" فلا يجد فيه شيئا من التعقل والمنطق. ولم العجلة في الزواج إذا كان الأمر كله هزلا؟ والغريب أن جميع الناس قد سلكوا طريق الهزل، فهم يتزوجون من غير أن يفكروا في العواقب، ويطلقون زوجاتهم بنفس الطريقة الطائشة، وينجبون الأطفال بدون أن يفكروا في أمر مستقبلهم، ويهملونهم بدعوى الفقر، وضيق ذات اليد. ويسافرون إلى فرنسا على أمل إيجاد حل نهائي، ولكنهم في الواقع لا يحلون من المشكلة شيئا."
الدروب الوعرة ص 63 ترجمة د.حنفي بن عيسى
الأسئلة:
1- لماذا أراد الشاب العامل أن يطلق زوجته بعد عودته من فرنسا؟
2- ما الذي دفع الزوجة إلى العودة إلى قرية "إيغيل نزمان" مع الطفلين؟ وكيف تتصور حياة زوجة المهاجر في البيئة الفرنسية؟
3- ما الذي دفع الشاب العامل إلى الزواج بفتاة فرنسية من "فلاندرة"؟ وما الذي يدفع المهاجرين عموما إلى الزواج بالأجنبيات؟ وما الذي جعل الشاب يطلقها؟
4- لقد صور الكاتب ظروف العامل المهاجر في زمن الاستعمار. فهل تغيرت هذه الظروف اليوم؟
5- ما الذي تعانيه زوجات المهاجرين المرافقات لأزواجهن في المهجر واولادهن؟ وما الذي تعانيه زوجات المهاجرين المقيمات في الوطن وأولادهن؟ وما الذي تعانيه المطلقات منهن وأولادهن؟ استشهد بأمثلة من الواقع عن ظروف هؤلاء دون التعرض لأسماء العائلات.
6- ما نقاط الاختلاف في المقومات بين العامل الجزائري والزوجة الأجنبية؟ وما تأثيرها على حياتهما الزوجية؟ وما تأثيرها على الأولاد؟
7- من المظلوم في هذه العلاقة: الزوجة الأجنبية أو الزوج أو الأولاد؟ وضح رأيك وعلله.