عيني وأمّها - محمد ديب
Aini et Sa Mère -Mohammed Dib
" كانت الجدة ماما راقدة وراء عمر. لقد تسلموها أمس. آواها ابنها ثلاثة أشهر. وجاء الآن دور "عيني" لتعيلها ثلاثة أشهر أخرى. إن الجدة ماما مشلولة. ولكنها محتفظة بصفاء فكرها: إن نظرتها الزرقاء الواضحة ما تزال على حالتها القديمة من الالتماع، حتى لتكاد تكون نظرة باشة. ومع ذلك فإن عينيها، رغم ما يشع فيهما من بريق الحلم والنبل، تتجمدان في بعض اللحظات على تعبير بارد قاس. وكانت تحيط وجهها الصغير العجوز المتورد النظيف، بمنديل من شاش أبيض، وكان ينبغي أن تساعد الجدة في كل شيء: في تناول الطعام، في الالتفات، في قضاء الحاجات.
إن عمر يرتعش على غير شعور. ووضعت عيني الكانون على الأرض. واستدارت في مكانها، ونظرت إلى الجدة:
- لماذا لا يبقيك ابنك عنده؟.. كان يهتم بك حين كنت لامرأته خادمة خلال سنين. حتى إذا أصبحت ساقاك لا تقويان على حملك، رماك كما ترمى الزبالة، أليس كذلك؟. لقد أصبحت لا تصلحين لشيء... هذا هو الموضوع...
كانت عيني منتصبة على ركبتها تقذف حقدها في وجه الجدة... وحاولت الجدة أن تهدئها:
- عيني، بنتي، يا أمي الصغيرة... لعن الله إبليس، إنه هو الذي يضع في رأسك هذه الأفكار.
- ليت الموت يأخذك. لماذا لم ترفضي أن يحملك إلى هنا؟
- ماذا كان في وسعي أن أفعله يا ابنتي؟.
- امرأته هي التي أرسلتك إلي. إنه مستعد لأن يلعق قدميها. إنها هي التي تعمل لتطعمه، أما هو فيقضي وقته في التسكع بين المقاهي... ابن الكلب... اسكتي، لا أريد أن أسمع صوتك... اسكتي، اسكتي... إن الله قد ألقاكما عليّ حشرة تلتهمني.
كانت عينا الجدة تتضرعان. ود عمر لو يركض إلى الشارع، لو يهرب. أراد أن يصرخ. إلا أن وجه أمه وقف بينه وبين الباب. فانبطح على الأرض ولم يتحرك بعد ذلك."
الدار الكبيرة ص 32
الاسئلة:
1- كيف ترى سلوك عيني مع أمها التي أنجبتها وربتها؟
2- هل تعتقد بأن عيني تكره أمها فعلا؟ وما أسباب سلوكها الانفعالي المشين إن كانت تحبها؟
3- ما موقف عمر من توبيخ أمه للجدة: قبول، احتجاج، لا مبالاة ؟ وضح ذلك بشاهد من النص.
4- ما السلوك الطبيعي في نظرك: أن تعنى البنت بأمها أم الكنّة (زوجة الابن)؟ علل رأيك.
من كتاب: تقنيات الدراسة في الرواية: العلاقات الإنسانية
الفصل الرابع: جوانب متنوعة من الروابط الأسرية