مِنْ أجْل أنْ تَحْيا الجَزائِر

 

*‏‏‏1*

أقرَأ ُ في عينيكِ مأساة الوطن‏ْ

وأرى المرارة فيهما  وأرى الشّجَنْ‏

ويجيئ عيدُكِ والشّموعُ بلا وهيج ٍ‏

والورودُ بلا أريج‏ْْ

وأنتِ وحْدَكِ لا أنيسَ ولا بَهيجْ‏

لا شيْء غيْرُ الصّمْتِ يعزفُ أجْهَرَ الألحانْ‏

والقلبُ تطْحَنهُ رحى الأحْزانْ‏

فالوطنُ جريحٌ يَنزِفْ‏

والفِتنة تعْصِفُ تعْصِفْ‏

تتصَيَّدُ فِلذَ الأكْبادْ‏

وتمْسَخُ حُلمَ الرُوّادْ‏

*‏‏‏2*

واليومَ مِثلُ الأمْس يمضي‏

والصَّباحُ أتى كما يأتي المَساءْ‏

لا شمْسَ يَحْمِلُ في يديْهِ ولا ضِياءْ‏

فالعُتْمَة ُ جَثمَتْ في الآفاق‏ِ

    وطبّقَتِ الأجْواءْ‏ 

*‏‏‏3*

والعُتْمَة تلِدُ خفافيش‏ْ

وَعَمائِمَ حُمْراً وَدَراويشْ‏

تلِدُ بَنادِقْ‏

تلِدُ حَرائِقْ‏

وزنزاناتٍ ومَشانِقْ

*‏‏‏4*

فقهاءٌ بعَمائِمَ حُمْرٍ‏

يُفتونَ برَجْم المُحْصَناتْ‏

وبذبْح وَوَأدِ العَذراواتْ‏

وبقتل الكاتبِ والكَلِماتْ

*‏‏‏5*

فتِحَتْ كُلُّ الأقبيةِ العَفِنَهْ‏

كُشِفَتْ كُلُّ الآبارِ النّتِنَهْ‏

وانْطلقَتْ كُلُّ خفافيش الكُرْهِ‏

وكُلُّ جَرا ثيم البَغْضاءْ‏

تفترسُ الحُبْ‏

تنتهكُ السِّلمْ‏

وتنشرُ أصْنافَ الأوْباءْ‏

*‏‏‏6*

الحُبُّ لهُ وَجْهٌ واحِدْ‏

وجْهٌ طفولِيٌّ خالِدْ‏

والكُرْهُ يَعيشُ بألفِ قِناعْ‏

وَوُجوهٍ مِنْ كُلِّ الأنواعْ‏

الكُرْهُ بوجْهٍ دينيْ‏

والكُرْهُ بوَجْهٍ لُغَوِيْ‏

والكُرْهُ بوَجْهٍ عِرْقِيْ‏

والكُرْهُ بوَجْهٍ وَطنِيٍّ

جِهَويٍّ طبَقِيٍّ حِزْبيْ‏

والكُرْهُ بوَجْهٍ وَ بلا وَجْهْ‏

*‏‏‏7*

الكُرْهُ تغَلْغَلَ...

عَشّشَ في الأعْماقْ‏

وسالَ مِنَ الأشْداقْ‏

وأطَلَّ مِنَ الأحْداقْ

 *‏‏‏8*

كُلُّ الكَلِماتِ اشْتُقَّتْ

مِنْ قاموسِ البَغْضاءْ‏

كُلُّ الأنْغامِ صَدىً‏

لِدَوِيِّ الأسْلِحَةِ النّاريَّهْ‏

وَصَليلِ الأسْلِحَةِ البَيْضاءْ‏

كُلُّ الألْوانِ اغْتيلَتْ‏

وما بَقِيَتْ إلاّ الحَمْراءْ‏

   *‏‏‏9*

طوفانُ الدََّمِ لايَتوَقّفْ‏

يَزْحَفُ يَزْحَفْ‏

يَنْزِفُ مِنْ جُرْحٍ

لا يَنْشفْ‏

يَغْمُرُ ماضينا حاضِرَنا‏

وَيَحْجُبُ كُلَّ فضائِلِنا‏

وَبِهِ أصْبَحْنا نُعْرَفْ‏

وَبِهِ أصْبَحْنا نوصَفْ‏

 *‏‏10*

يامَنْ تُعِدّونَ الحَطبْ‏

وَتنْفُخونَ في اللّهَبْ‏

بالكَلِماتِ والخُطَبْ‏

لا تزْرَعوا الإعْصارا‏

فتحْصُدوا الدّمارا

*‏‏11*

أوْلادُنا أكْبادُنا يَتقاتلونْ‏

وَنَحْنُ نَحْنُ القاتِلونْ‏

وَنَحْنُ نَحْنُ المَقْتولونْ‏

فمَتى نعْترِفُ بأنّ القتْلى..

كُلَّ القتْلى مَوْتانا؟‏

وبأنّ الأخْطاءْ‏

كُلَّ الأخْطاءِ خَطايانا‏

وَمَتى نَعْرِفُ أنّ العُمْرَ قصيرٌ‏

كَيْ نَقْضِيَهُ في تَعْدادِ ضَحايانا

*‏‏12*

مَنْ يُقْنِعُ أنْصارَ البَغْضاءِ‏

بأنّ الدّينَ مَحَبَّهْ‏

َوروحَ اللّغَةِ مَحَبَّهْ‏

وبأنّ الآخَرَ أيّاً  كانَ الآخرُ‏

يُمْكِنُ أنْ نبْنِيَ مَعَهُ

جِسْرَ مَحَبَّهْ‏

لِيُصْبحَ كُلُّ النّاسْ‏ْ  ـ

وإنْ اخْتلفوا‏ في الأفكارِ وفي الأقطارْ‏ ، في الطّبَقاتِ

وفي الأجْناسْ‏ـ أحِبَّهْ

 *‏‏13*

مَنْ يُخْمِدُ النّارَ

وَمَنْ يُطْفي الشّرارْ ؟‏

مَنْ يُنْبِتُ الأزْهارَ

في كَفِّ الدَّمارْ ؟‏

مَنْ يَهْتدي بالحُبِّ

رُبّاناً وَدَرْباً وَمَنارْ ؟‏

مَنْ يُؤْثِرُ الحِوارَ صِدْقاً

لا التفرُّدَ بالقرارْ

‏مَنْ يَنْزَعُ الغَشاوَهْ‏

غَشاوَة َالبَغْضاءِ والعَداوَهْ‏

عَن العُقولِ والقلوبِ

والأبْصارْ ؟‏

لِكَيْ ترى ضَوْءَ النَّهارْ‏

*‏‏14*

لا بُدَّ أنْ تُزْهِرَ في النُّفوسْ‏

بَراعِمُ الأمَلْ‏

وتشْرقَ الشّموسْ‏

لِتدْحَرَ الأوْباءَ والعِلَلْ‏

لا بُدَّ أنْ تتّصِلَ الجُسورْ

بَيْنَ عُشّاقِ الوَطنْ‏

كُلِّ عُشّاقِ الوَطنْ‏

بلُغَةِ المُسامَحَهْ‏

والحُبِّ والمُصالَحَهْ‏

مِنْ أجْلِ أنْ تحيا الجَزائِرْ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                     

*نشرت في جريدة "السّلام" بتاريخ 23/5/1995

 

                                                  عبد الله خمّار

من المجموعة الشعرية "محطات عاطفية في رحلة العمر"

 للاطلاع على قصائد هذه المجموعة، انقر هنا: محطات عاطفية

للاطلاع على الأشعار الأخرى للكاتب انقر هنا:  الأعمال الشعريّة