الصَّــنَـمُ الـّذي هَـوى
*1*
حَطّمْتهُ الصَّنَمَ الذي عَبَدْتِهِ
عَرّيْتُهُ
كشَفْتُ عَنْ سَوْءَتِهِ
بيدي أنا .. حَطَّمْتهُ
بأظافِري
شَوَّهْتُ قدْسِيَّتهُ
لوَّثـْتهُ وَدُسْتـُهُ
وَغَرَزْتُ أنْيابي بهِ
*2*
حَطَّمْتهُ ذاكَ الّذي
صَلّيْتِ في مِحْرابهِ
وَشمَمْتِ ريحَ الطّهْر ِ
مِنْ أثوابهِ
حَطَّمْتهُ
وَأنْتِ تنْظُرينَ مُشْفِـقهْ
لمْ تـَثنِني عَنْ بُغْيَتي
أنّاتُكِ المُمَزَّ قهْ
وَكمْ توَسَّلتِ وَكمْ
ألاّ أحَطِّمَ الصَّنَمْ
لكِنَّني كنْتُ أصَمْ
*3*
وَكَرِهْتِني .. وَلعَنْتِني
وَدَعَوْتِني بالمُجْرِم ِ
فلتعْلمي
يا مَنْ رَوَتْ لِكُلِّ أذ ْنٍ
أنَّها تـُحِبُّني
قدْ كنْتُ مِثلكِ واهِما
صَدَّ قْتُ ما صَدَّقتِهِ
وَوَثِـقْتُ فيما قلْتِهِ
لكِنَّ مَنْ أحْبَبْتِهِ
لسْتُ أنا..
كانَ الصَّنَمْ
وَقدْ هَوى ذاكَ الصَّنَمْ
فلـْتلعَني ما شِئْتِ
أوْ فلتـَحْقِدي
مَزَّ قْتُ وَهْمَيْنا
بما صَنَعَتْ يَدي
*4*
حَطَّمْتـُهُ..ذاكَ الّذي
أفْنيْتُ عُمْري كُلَّهُ
في نَحْتِهِ وَصَقلِهِ
وَحَرَمْتُ نَفسي مِنْ لَذاذاتِ
الحياةِ لأجْلِهِ
*5*
قدْ صُغْتهُ مِنْ أنْفَس ِ
الأحْجار ِ والمَعادِنْ
وَجَبَلْتـُهُ بالحُبِّ
حُبٍّ يَنْبُذ ُ الضَّغائِنْ
وَجَعَلتُ مِنْهُ آيَة ً
لِلْحُسْن ِ والمَفاتِنْ
زَيَّنـْتـُهُ
بكلِّ ما في الرَّوْض ِ
مِنْ بَدائِعِ الزُّهورْ
ضَمَّخْتـُهُ
بكلِّ ما لـَمْلـَمْتُ
مِنْ نَوادِرِ العُطورْ
وَنَصَبْتُ مِنْهُ مَنارَة ً
لِلتـّائِهينْ
وَآسِـيـاً
يَمْسَحُ جُرْحَ البائِسينْ
لكِنّني.. حَطَّمْتـُهُ
حَطَّمْتُ مَنْ بَنَيْـتهُ
بِسَـبَبـِكْ
لأنَّهُ اسْتأثرَ بـِكْ
*6*
يا مَنْ رَوَتْ
لِكلِّ أذ ْنٍ أنَّها تحِبُّني
لمْ تعْشقيني إنَّما
عَبَدْتِ فيَّ الصَّنما
هَوَيْتِ فيَّ المُلْهما
أحْبَبْتِني ربّاً بلا ضَعْفٍ
بلاطيْش ٍ.. تطاوَلَ للسَّما
أحْبَبْتِ فِيَّ الصَّنَما
واليَوْمَ قدْ حَطَّمْتهُ
حَطَّمْتُ ذاكَ الصَّنَما
وَسَخِرْتُ مِنْهُ.. مِنْكما
فلـْتلْعَني .. ما شِئتِ
أوْ فلتحْـقِدي
مَزَّقْتُ وَهْمَيْنا بما
صَنعَتْ يَدي
*7*
وَصَحَوْتُ مِنْ نَوْمي فلمْ
أجـِدِ الحُطامَ ولا الصَّنمْ
هَذيانُ مَحْموم ٍ
وَحُلْمٌ مِنْ تباريح ِ السَّقمْ
*8*
وَوَجَدْتُ قرْبي قِصَّة ً
قرَأتها قبْلَ المَنامْ
تحْكي حَوادِثَ قدْ جَرَتْ
مِنْ قبْلِ ألفِ ألفِ عامْ
عَنْ صَنَم ٍ وغادَةٍ
كانَتْ تحِبُّ الصَّنما
وَكاهِن ٍ لمّا يَزَلْ
في حُبِّها مُتيَّما
*9*
لكنَّها قالتْ لهُ
بلهْجَةٍ فيها تعا لٍ وازْدِراءْ:
" ما أنْت إلاّ سادِنٌ جَبْهَتهُ
لاصِقة ٌ بالأرْض ِ والترابْ
والصَّنم الذي خَلقْتَ
شاخِصٌ إلى السَّما
بكِبْرياءْ
وَرَأسُهُ فوْقَ السَّحابْ
فهْوَ إذاً
ولسْتَ أنْتَ مَنْ يَطولُ الأنْجُما "
*10*
وَتسْألينَ عَنْ بَقِـيَّةِ الحِكايَهْ
هَلْ أذ ْعَنَ الكاهِنُ
واسْتكانَ في النِّهايَهْ ؟
أمْ انْتـَقـَمْ
وَحَطّمَ الصَّنمْ ؟
واللُّغْزُ يَبْقى غامِضاً
دونَ جَوابْ
فالنُّسْخَة التي لدَيَّ
نُسْخَة ٌ مَبْتورهْ
قدْ مُزِّ قتْ
صَفْحاتها الأخيرَهْ
*11*
لكِنَّني ..
أخالُ أنَّك تدْركينْ
بحَدْس ِ كلِّ أنْثى
مَصيرَ هذا الكاهِنِ المِسْكينْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عبد الله خمّار
من المجموعة الشعرية "محطات عاطفية في رحلة العمر"
للاطلاع على قصائد هذه المجموعة، انقر هنا: محطات عاطفية
للاطلاع على الأشعار الأخرى للكاتب انقر هنا: الأعمال الشعريّة