عِبادَةُ الأصْـنام

*1*

ما قيمَة الإنْسانْ ؟

إنْ حوصِرَ الفِكرُ وأ ُلجِمَ اللِّسانْ

ما قيمَة العِرْفانْ ؟

إنْ استوى العالِمُ والجاهِلُ

في التـَّسْبيح للطّغْيانْ

ما قيمة الفُرْسانْ ؟

إذا تبارى الشـَّهمُ والجَبانْ

في تلميع صورَةِ السُّلطانْ

وتنافسا في خِدْمَةِ الأعْوانْ

ما قيمَة الميزانْ ؟

إنْ كانَ مَنْ يَحْمِلهُ

لايَعْرفُ الأوْزانْ

ما قيمَة الأدْيانْ ؟

ما دامَ قدْ حَوَّلها الإنْسانْ

مِنْ جَنّةٍ للحُبِّ والسَّلام ِوالإخاءْ

إلى جَحيم ِالبُغْضِ

والنِّزاعِ والعَداءْ

ما قيمَة الزّمانْ ؟

إنْ وقفتْ ساعَتـُنا

عِنْدَ سُقوطِ الأنْدَلسْ

وجَمََدتْ عُقولنا

بهَجْمَةِالتـتارْ

ما قيمَة المَبادىءْ ؟

إنْ هَبَطتْ أسْعارُها إلى العَدَمْ

في بورصَةِ القِيَمْ

وعُدّتْ الفضيلهْ

في خانَةِ المَساوىءْ

وبيعَت الضَّمائِرْ بأبْخس الأثمانْ

بعُمْلةِ الأورو وبالدّولارْ

ما قيمَة الأوْطانْ ؟

إنْ أصْبَحَ الوَلاءُ للحُكّامْ

والحِزْبِ والطّوائِفْ

وأضْحَتْ الوَظائِفْ

مَحْصورَة ً في الأقرباءِ

والرِّفاقِ والمعارِفْ

*2*

عِبادَة الشّخْصِيّهْ

عَقيدَة مِنْ عُمُر الزّمانْ

أبدعها الإنسانُ لاستعبادِ

 جنسه الإنسانِْْ

قامتْ على تلذ ّذِ الحاكِم

بالتعْذيبِ والتنكيلِ والسِّيادَهْ

ولذة المحكوم

بالخضوع ِ والعِبادَهْ

والعيش مسلوب الإرادهْ

ولا وُجودَ للصََّنمْ

لوْ كانت الجباهُ تأنَفُ الرَّغَمْ

*3*

في كلِّ قطْر ٍ صَنَمٌ

يَزْعُمُ أنّه الصَّمَدْ

يَطْلبُ مِنْ عُبّادِهِ

ألاّ يُشارِكوا بهِ أحَدْ

لابُدّ أنْ يُوَحِّدوهْ

وأنْ يُفوِّضوهُ

في الأمْوال ِوالوَلدْ

وأنْ يُسَوِّدوهُ للأبَدْ

*4*

نحْنُ الّذينَ نَصْنعُ الصَّنمْ

نَنْحَتهُ مِنْ رَأسِهِ إلى القَدَمْ

نَصوغُهُ مِنْ كََذِبِ المُنافِقينْ

و"نَعَمْ" المُوافِقينْ

وغفْلةِ المُصَدّ قينْ

وعَبَثِ المُصَفّـقينْ

مِنْ شَطَحاتِ الشعَراءْ

وشقْشقاتِ الخُطباءْ

وبلاغَةِ الكُتّابِ في الجَرائدْ

والصّورِ التي يَعْرضُها

التّلفازُ للمُشاهِدْ

كلَّ صَباح ٍ وَمَساءْ

للحاكِم ِ الصّنمْ

يَخْطبُ في الرِّجالِ في النِّساءْ

في الجُنودِ في العُمّالِْ

يحْتَضِنُ الصّغارَ والأطفالْ

يُدَشِّنُ المصانعْ

ويَغْرسُ المزارعْ

وَكُلّنا نذكُرُهُ

بنَبْرَةِ التمْجيدِ والتعْظيمْ

في نشرَةِ الأخْبارْ

في خُطب المَساجدْ

في نُظم ِالتّعليم ِفي المَعاهِدْ

نجْعَلُ من تأليههِ عَقيدة ً

تسْمو على العَقائدْ

*5*

نَحَْنُ الّذينَ نصْنعُ الجَلاّدْ

نُهدي له الكُرْباجَ

والقيودَ والأصْفادْ

نَبْني له المُحتشداتِ والسّجونْ

نجْعلُ من أنْفسِنا

له ذِراعاً وأذاناً وعُيونْ

نُسْلِمُهُ تقرّباً أصحابَنا

نَخون في وَلائِهِ أحْبابَنا

فيمْلِكُ البلادَ والعِبادْ

مُحَكِّماً في أرْضِنا

وعِرْضِنا الأوْباشَ والأوْغادْ

وبانياً من ظلمنا الأمْجادْ

وحينَما نشعُرُ بالهَوانْ

يكونُ قد فاتَ الأوانْ

*6*

لا ذنْبَ للحُكّامْ

هِيَ الشّعوبُ تصْنعُ الأصْنامْ

وتحْرقُ البخورَ في مِحْرابها

وتذبَحُ النّذورَ في أعْتابها

هي التي " تـُفَبْرِكُ "الرّائدَ

والقائدَ والأوحَدَ والصّدّامْ

لأنّها مِنَ الأزَلْ ولم تَزَلْ

ولا تزالُ تعْبدُ الأصْنامْ

*7*

متى أعدنا

قيمة الإنْسانِ للإنْسانْ

وأطْلِقَ العِنانُ للعُقولِ واللِّسانْ

تحرَّكَتْ عَقاربُ الزَّمانْ

واعْتدَلَ الميزانْ

وانهارَت الأصْنامْ

الجزائر جويلية 2000

 

                              عبد الله خمّار

من المجموعة الشعرية "محطات عاطفية في رحلة العمر"

 للاطلاع على قصائد هذه المجموعة، انقر هنا: محطات عاطفية

للاطلاع على الأشعار الأخرى للكاتب انقر هنا:  الأعمال الشعريّة