مَـحَـطّـا ت اجْـتِمـاعِـيَّة


 

 

المحتويات:

 

1-   من أجل أن تحيا الجزائر.

2-  تاهت خطانا.

3-   لا للخوف ولا للإذعان.

4-   أنا بنت الجزائر.

 

 

 

مِنْ أجْل أنْ تَحْيا الجَزائِر


 

*‏‏‏1*

أقرَأ ُ في عينيكِ مأساة الوطن‏ْ

وأرى المرارة فيهما  وأرى الشّجَنْ‏

ويجيئ عيدُكِ والشّموعُ بلا وهيج ٍ‏

والورودُ بلا أريج‏ْْ

وأنتِ وحْدَكِ لا أنيسَ ولا بَهيجْ‏

لا شيْء غيْرُ الصّمْتِ يعزفُ أجْهَرَ الألحانْ‏

والقلبُ تطْحَنهُ رحى الأحْزانْ‏

فالوطنُ جريحٌ يَنزِفْ‏

والفِتنة تعْصِفُ تعْصِفْ‏

تتصَيَّدُ فِلذَ الأكْبادْ‏

وتمْسَخُ حُلمَ الرُوّادْ‏

*‏‏‏2*

واليومَ مِثلُ الأمْس يمضي‏

والصَّباحُ أتى كما يأتي المَساءْ‏

لا شمْسَ يَحْمِلُ في يديْهِ ولا ضِياءْ‏

فالعُتْمَة ُ جَثمَتْ في الآفاق‏ِ

وطبّقَتِ الأجْواءْ

*‏‏‏3*

والعُتْمَة تلِدُ خفافيش‏ْ

وَعَمائِمَ حُمْراً وَدَراويشْ‏

تلِدُ بَنادِقْ‏

تلِدُ حَرائِقْ‏

وزنزاناتٍ ومَشانِقْ

‏       *‏‏‏4*

فقهاءٌ بعَمائِمَ حُمْرٍ‏

يُفتونَ برَجْم المُحْصَناتْ‏

وبذبْح وَوَأدِ العَذراواتْ‏

وبقتل الكاتبِ والكَلِماتْ

*‏‏‏5*

فتِحَتْ كُلُّ الأقبيةِ العَفِنَهْ‏

كُشِفَتْ كُلُّ الآبارِ النّتِنَهْ‏

وانْطلقَتْ كُلُّ خفافيش الكُرْهِ‏

وكُلُّ جَرا ثيم البَغْضاءْ‏

تفترسُ الحُبْ‏

تنتهكُ السِّلمْ‏

وتنشرُ أصْنافَ الأوْباءْ‏

*‏‏‏6*

الحُبُّ لهُ وَجْهٌ واحِدْ‏

وجْهٌ طفولِيٌّ خالِدْ‏

والكُرْهُ يَعيشُ بألفِ قِناعْ‏

وَوُجوهٍ مِنْ كُلِّ الأنواعْ‏

الكُرْهُ بوجْهٍ دينيْ‏

والكُرْهُ بوَجْهٍ لُغَوِيْ‏

والكُرْهُ بوَجْهٍ عِرْقِيْ‏

والكُرْهُ بوَجْهٍ وَطنِيٍّ

جِهَويٍّ طبَقِيٍّ حِزْبيْ‏

والكُرْهُ بوَجْهٍ وَ بلا وَجْهْ‏

*‏‏‏7*

الكُرْهُ تغَلْغَلَ...

عَشّشَ في الأعْماقْ‏

وسالَ مِنَ الأشْداقْ‏

وأطَلَّ مِنَ الأحْداقْ

                                                                                           *‏‏‏8*

كُلُّ الكَلِماتِ اشْتُقَّتْ

مِنْ قاموسِ البَغْضاءْ‏

كُلُّ الأنْغامِ صَدىً‏

لِدَوِيِّ الأسْلِحَةِ النّاريَّهْ‏

وَصَليلِ الأسْلِحَةِ البَيْضاءْ‏

كُلُّ الألْوانِ اغْتيلَتْ‏

وما بَقِيَتْ إلاّ الحَمْراءْ‏

                                                                                               *‏‏‏9*

طوفانُ الدََّمِ لا يَتوَقّفْ‏

يَزْحَفُ يَزْحَفْ‏

يَنْزِفُ مِنْ جُرْحٍ

لا يَنْشفْ‏

يَغْمُرُ ماضينا حاضِرَنا‏

وَيَحْجُبُ كُلَّ فضائِلِنا‏

وَبِهِ أصْبَحْنا نُعْرَفْ‏

وَبِهِ أصْبَحْنا نوصَفْ‏

                                                                                             *‏‏10*

يامَنْ تُعِدّونَ الحَطبْ‏

وَتنْفُخونَ في اللّهَبْ‏

بالكَلِماتِ والخُطَبْ‏

لا تزْرَعوا الإعْصارا‏

فتحْصُدوا الدّمارا

‏      *‏‏11*

أوْلادُنا أكْبادُنا يَتقاتلونْ‏

وَنَحْنُ نَحْنُ القاتِلونْ‏

وَنَحْنُ نَحْنُ المَقْتولونْ‏

فمَتى نعْترِفُ بأنّ القتْلى..

كُلَّ القتْلى مَوْتانا؟‏

وبأنّ الأخْطاءْ‏

كُلَّ الأخْطاءِ خَطايانا‏

وَمَتى نَعْرِفُ أنّ العُمْرَ قصيرٌ‏

كَيْ نَقْضِيَهُ في تَعْدادِ ضَحايانا

*‏‏12*

مَنْ يُقْنِعُ أنْصارَ البَغْضاءِ‏

بأنّ الدّينَ مَحَبَّهْ‏

َوروحَ اللّغَةِ مَحَبَّهْ‏

وبأنّ الآخَرَ أيّاً  كانَ الآخرُ‏

يُمْكِنُ أنْ نبْنِيَ مَعَهُ

جِسْرَ مَحَبَّهْ‏

لِيُصْبحَ كُلُّ النّاسْ‏ْ  ـ

وإنْ اخْتلفوا‏ في الأفكارِ وفي الأقطارْ‏ ، في الطّبَقاتِ

وفي الأجْناسْ‏ـ أحِبَّهْ

‏       *‏‏13*

مَنْ يُخْمِدُ النّارَ

وَمَنْ يُطْفي الشّرارْ ؟‏

مَنْ يُنْبِتُ الأزْهارَ

في كَفِّ الدَّمارْ ؟‏

مَنْ يَهْتدي بالحُبِّ

رُبّاناً وَدَرْباً وَمَنارْ ؟‏

مَنْ يُؤْثِرُ الحِوارَ صِدْقاً

لا التفرُّدَ بالقرارْ

‏مَنْ يَنْزَعُ الغَشاوَهْ‏

غَشاوَة َالبَغْضاءِ والعَداوَهْ‏

عَن العُقولِ والقلوبِ

والأبْصارْ ؟‏

لِكَيْ ترى ضَوْءَ النَّهارْ‏

*‏‏14*

لا بُدَّ أنْ تُزْهِرَ في النُّفوسْ‏

بَراعِمُ الأمَلْ‏

وتشْرقَ الشّموسْ‏

لِتدْحَرَ الأوْباءَ والعِلَلْ‏

لا بُدَّ أنْ تتّصِلَ الجُسورْ

بَيْنَ عُشّاقِ الوَطنْ‏

كُلِّ عُشّاقِ الوَطنْ‏

بلُغَةِ المُسامَحَهْ‏

والحُبِّ والمُصالَحَهْ‏

مِنْ أجْلِ أنْ تحيا الجَزائِرْ


 

‏                           


 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                     

*نشرت في جريدة "السّلام" بتاريخ 23/5/1995

 

 

 

 

 

تــا هـَـتْ  خُــطــانا

الإهداء : إلى الصديق العزيز محمد شفيق الحاج سعيد وإلى كل الأصدقاء في دمشق:

ياأحبّاءَ نا هـواكُمْ  دَعانـا        فا ستجبْنا   ولم نُدار ِ هَوانـا

وكتـبْنا فما  استلمْنا  جَواباً        ودعوْنا   فردّ صوتُ صَدانـا

وشكوْنا فلم تـُلِـنْـكُم شكاة ٌ       وأسينا فما شـجاكم   أسانـا

ماجَنيْنا ؟ حتّى عتبْتُمْ  عَـليْنا        ورددتُـمْ أعْـذارَنا   ورَجانا

ما ظلمْناكمو ومَنْ قـالَ: إنّا        نظْلِمُ الأصْـفياءَ والخِِلا ّنـا

أبْعَدتْنا  الأيّـامُ عنْكُمْ   فلسنا        خائِني عهْدِكُمْ إذا الدّهْرُ خانا

فمكثتمْ في القلبِ والعينِ ذخْراً        وسكنْـتُمْ أحلامَنـا ورُؤانـا

* *  *

فرّقتْنا الحُظوظُ نَجري وَراها      في دُروبٍ شتّى فتاهَتْ خُطانا

نتْـبَعُ الحُلْمَ وامِضاً  وبَهـيجاً       فتعِـبْنا وما بَلغْـنا مُنـانـا

كلّـما لاحَ في الدّروبِ بَريقٌ      أطفأتْهُ أطْماعُـنا  وهَـوانـا

لمْ يَعُـدْ حُـلْمُنا كما كانَ في الماضي مَشاعـاً لأهلِنا  وحِمانـا

لمْ يَعُـدْ قائِماً عَلى الحُـبِّ والرَّحْـمَةِ، نبني لِنُعْـلِيَ الأوْطانـا

أصْـبَحَ اليَـوْمَ ضَـيِّـقاً وأنانـيّـاً ومـا في إطـارهِ إلا ّنـا

* * * 

فاحتقرْنا مَشاعِرَ النُّـبْلِ فينا      وأنَـمْنا الضَّميرَ  والوِجْدانـا

وجَعَـلنا الحَيـاة خِـلْواً مِنَ المَعْـنى، قتـَلنا في   ذاتِنا الإنْسانا

واسْتعَـضْنا عَن المَبـادِئِ بالمـالِ فأضْحى المِعْـيارَ والميزانا

نـزِنُ النّـاسَ بالفـَرَنْـكِ وبالـدّولارِ إذْ صـارَ خيرَنا أغنانـا

وتسابَقْـنا كُلّـنا نبْـتغـي الإثـْراءَ زوراً ولوْ بفَـقْرِِِ  سِوانـا

فتـَفَـشّى الفسادُ والغِـشُّ والرِّشْوَةُ حتّى تغَـلْغَلتْ في   دِمانـا

* * *

وظنَـنّا حضارَة العَصْرِ لَهْواً       وقصوراً مَفْروشة ً  وجِنانـا

فـتنافسْنـا في الرّفـاهِ وفي البَـذْخِ وبِتْـنا  نُوَسِّعُ    البُنْـيانـا

واقـْتديْنا بسِفْـلةِ القـَوْمِ في الغـَرْبِ وَعِفْنا الأشْرافَ والأعْيانا

فـنـَبا ذوْقنا وأعْجَـبَـنا التـّافِهُ نوعـاً مِنْ فـَنـِّنا   وغِنانـا

إذ ْ قـَرَأنا كَوارِثَ الشّعْـرِ والنّثـْرِ فصَفَّـقْنا مُعْجَبينَ افتِـتانـا

وَسَـمِعْـنا الألْحانَ بالأرْجُلِ والخَـصْرِ، سَدَدْنا القُلوبَ والآذانـا

وَجَـلبْنا بِضاعَة الغيْرِعَجْزاً          وَمَلأنا مِنْ سوقِـها دُنيانـا

نَتـباهى كأنّنا صانِعـوهـا          وَهْيَ تمْتصُّ نفْطنا وقـُوانا

وَترَكْـنا إنْتاجَـنا في كَسـادٍ         وبَنينا  قدْ سَنـَّدوا  الحيطانا

* * *

وادّعَـيْنا حُرّيّة الفِكْرِ  لكِـنْ         حينَ تُعْطى لنا وتعدو سِوانا

كُلُّ فِكْـرٍ يُريـدُ أنْ يُلْغِـيَ الآخَـرَ حتّى غَـدا اليَـراعُ  سِنانـا

وَنَـزَلْنـا إلى الشّـوا رِعِ نـَغْـتالُ بحِـقْـدٍ آراءَنـا  وَرُؤانـا

بَعْضُنا يَنْسِفُ الجُسـورَ مَعَ العَـصْـرِ وَبَعْضٌ يُريدُ نَسْفَ انْتِمانا

* * *

وَزَعَمْنا الحُكّامَ ليْسوا  بأهْلٍ          وادّعَيْنا ضَلالـَهُمْ   وَهُدانـا

وَأرَدْنـا تحْـميـلهُمْ وِزْرَ بَلْوانـا وَأسْبابَ ضَعْـفِـنا     وَشقانـا

مَعَ أنـّا خُضْـنا بوَعْيٍ وَإصْرار ٍ سِباقَ " الأنا " لأقـصى مَدانـا

كُلّنا أوْسَـعَ السّفينة خَرْقـاً         "وَخَصَصْنا" بالتـُّهْمَةِ الرُبّانـا

قـَدْ قتلنا أحْلامَنا بيَـدَيْنـا          وَجَنَـيْنا  ما أسْلفَـتْهُ  يَدانـا

 كُلّـُنا يدّعي التـديّـُنَ والعِـفّـة والعِـلْمَ... مَنْ إذنْ أغْـوانـا؟

* * *

فـاتَ وَقْتُ العِـتابِ، والّلومُ لا يُـرْجِعُ ما قدْ مَضى فما كانَ كانـا

رُبَّـما نسْتـطيـعُ أنْ نـَعِـيَ الدّرْسَ ونلْقى مَصيرَنـا شُجْعانـا

إنْ عَـزَمْنا الغَـداة أنْ نَـنْـزَعَ الكُرْهَ ونَمْحو البَغْضاءَ مِنْ أحْشانا

ونـُحِـلََّ الحِـوارَ والحُـبَّ والصُّـلْحَ لِنَبْـني مُسْتـَقْبَلاً وكِيانـا

إنْ عَرَفْنا أنّ القنـاعَة عِـزٌّ         وَهْيَ ليْسَتْ عَجْزاً  ولا إذْعانا

وَعَلِمْنا أنّ الطـُّموحَ مُبـاحٌ        إنْ  حَفِظْنا أخْلاقـَنا  وَعُلانـا

وَرَأيْنا أنّ الحَضارَةَ  عِـلْـمٌ        وَنَشاطٌ في حُبِّـهِ نَتَـفـانى

وَهْيَ صَـرْحٌ أسـاسُهُ المُثـُلُ العُـلْيا  وَلوْ لمْ يَقُمْ عَليْها لَهانـا

* * *

ياأحِبّاءَ نا الأعِـزّاءَ عُـذْراً         إنْ مَلأنـا قـُلوبَكُمْ أحْزانـا

مَنْ لنـا غـَيْرُكُـمْ يُقـاسِمُنا الْـهَـمَّ  وَمَنْ ذا نَبُثـُّهُ   شَكْوانـا

عَـلّـَنا نَلْتـَقي وَقدْ خَـبَـتِ النـّارُ  وَشاعَ السّلامُ  في أجْوانـا

عَـلّـنا نلْتـقي وقدْ زانَـنـا الحُـبُّ قـُلوباً  وَأعْـيُناً  وَلِسانـا

وَطَبَعْـنا عَلى التّسامُحِ فِكْراً         فيهِ نُعْطي لِكُلِّ  رَأيٍ مَكانـا

يَوْمَ تَجََْلو غُيومُنا عَنْ سَمانا          وَيَعُـمّ ُالهَنا رُبوعَ   حِمانـا

                                     الجزائرفي 19 تموزـ جويلية 1996

 

 

لا للخوفِ ولا للإذعانْ

الإهداء :  إلى روح الشهيد صـالح نور(1) الفارس الشهم

 وإلى كل ضحايا الإرهاب في الجزائر


 

 

تحذير!!! يرجى من ذوي القلوب المرهفة الحساسة عدم قراءة هذه القصيدة لما فيها من تصوير لمشاهد العنف التي تسبّب فيها الإرهاب.


 

 


 

 

*1*

بُمْ بُمْ

لغمُُ فُجِّرْ

مقهىً في حَيٍّ شعْبِيٍّ دُمِّرْ

والإحْصائية خَمْسَة قتْلى

والجَرْحى فاقوا العشرينْ

*2*

بُمْ بُمْ

عِشْرونَ قتيلاً والجَرْحى من غيْرِ حِسابْ

في قنْبُلةٍ ضَرَبَتْ دارَ الصحَفيّينْ

وأصابَتْ حافِلة الرُّكّابْ

                                                                                                   *3*

بُمْ بُمْ

لُغْمٌ يَسْتَهْدِفُ تِلميذاتِ

"فرانزْ فانونْ"

وقنابلُ غالتْ أطفالاً

بحدائقَ"بِنْ عَكْنونْ"

لاإحْصائيّةَ بَلْ غَضَبٌ وَذهولْ

بَلغَتْ هَمَجيّة ُمَنْ وَلغوا

في دَمِّ الأطفال الحَدَّ الّلامَعْقولْ

                                                                                                  *4*

في كُلِّ صَباحٍ يفْجَعُنا

القـُتـّالُ المحترفونْ

بفظائِع تقتيلٍ ودَمارْ

وضَحايانا يَزْدادونْ

مِنْ كُلِّ فِئاتِ الشّعبِ

وَمِنْ كُلِّ الأعْمارْ

في كُلّ صَباحٍ يَبْتدِعونْ وَيَبْتكِرونْ

وَكَأنَّ القتْلَ فُنونْ

 

                                                                                                 *5*

بالأمْسِ تفجَّرَ سوقُ خُضارْ

وَقبَيْلَ الأمْسِ قِطارْ

واليَوْمَ أمَضَّتْنا الأنْباءْ

بمَجازِرَ في أحْواشٍ مَعْزولَهْ

ذ ُبحَِ السُّكّانُ بها

بفُؤوسٍ أو بمَعاولَ مَفْلولهْ

ذبـِحوا أطفالاً، شباناً،

شيباً ونِساءْ

ذبـِحوا غدْراً

بيَدِالجُبَناءْ

                                                                                                   *6*

المَوْتُ يُحاصِرُنا

وَيُرابِطُ ليْلَ نَهارْ

يَترَصَّدُ خَطْوَتنا

يَتصَيَّدُ صَفْوَتنا

وَيُباغِتنا بمَساكِنِنا

وَيُطارِدُنا بشوارِعِنا

وَيُهاجمُنا بمَكاتِبنا

وَمَصانِعِنا وَمَدارسِنا

وَحَدائِقِنا وَمَقاهينا

لِيُلَوِّعَنا بأحِبَّتِنا وَأهالينا

                                                                                                   *7*

مَنْ يَحْمِلُ هذا الحِقْدَ لنا ؟

مَنْ يَنْفُثهُ في مَوْطِنِنا ؟

مَنْ يَزْرَعُ حاضِرَنا رُعْباً

لِيُساوِمَ فيهِ عَلى غَدِنا ؟

مَنْ شوّهَ نُبْلَ أمانينا

وَيُحاوِلُ دَفْنَ مَطامِحِنا ؟

مَنْ فجّرَ ألْغامَ البَغْضاءِ

لِيَفْصِمَ عُرْوَةَ وَحْدَتِنا ؟

مَنْ يَدْفعُ أرْصِدَة الأمْوالِ

لِيُذ كي جَذْوَةَ مِحْنَتِنا؟

هَلْ يَعْدِلُ وَهْجُ كراسي

الحُكْمِ وَهيجَ حَريقِ مَدائِنِنا؟

                                                                                                   *8*

ماذا بَعْدَ التّفْجيرْ ؟

إلاّ الأنْقاضُ وآثارُالتّدميرْ

صُوَرٌ وَمَشاهِدُ وَحْشِيّهْ

تخْزي الإنْسانْ

وَتصَنِّفُهُ بَعْدَ الحَيَوانْ

صُوَرٌ عَرَّتْ زيفَ المَدَنِيَّهْ

وَسَرابَ حَضارَتِنا البَشريّهْ

وَأرَتْنا أبْعادَ المَأساةِ

بألْوانٍ وبلا ألْوانْ

                                                                                                   *9*

جُثثُ القتْلى..

أكْوامٌ مِنْ لَحْمٍ وَدَمٍ

نُثِرَتْ في الشّارعِ دونَ نِظامْ

عُجنَتْ بتُرابِ الهَدْمِ وَبالإسْفِلْتِ

وبَعْضِ شظايا الألْغامْ

تحْتَ الأنْقاض مَشاهِدُ مَمْنوعَهْ

حَتّى في أشْرطةِ العُنْفِ السّادِيِّ وفي كُلِّ الأفْلامْ

وَمَناظِرُ مُرْعِبَة ٌ

تَدْعو للدَّهْشةِ ثمَّ الخَيْبَةِ ثمَّ

الحِقْدِ وَتـُشْعِرُ بالغَثيانْ

                                                                                                  *10*

مِزَقُُ مِنْ أقْمِشةٍ : قطْنٍ ، صوفٍ ، وَحَرائِرْ

لِسراويلٍ وَقفاطينٍ"

وَفساتينٍ"  وَمَآزِرْ

كانَتْ في يَوْم ٍ بَهْجَة دُنْيانا

فغَدَتْ لأحِبَّتِنا

في وَمْضَةِ عَيْنٍ أكْفانا

مِزَقٌ بَهَتتْ فيها الألْوانْ

وَخَبا اللّمَعانْ

وَبَدَتْ مِنْها جُثثُ الأطْفالِ

بَراعِمِنا وأزاهِرنا

كَوُجوهِ مَلائِكَةٍ مَفْزوعَهْ

البَعْضُ برِجْلٍ أوْ بذِراعٍ مَقْطوعَهْ

والبَعْضُ بعَيْنٍ مَقْلوعَهْ

والتلميذاتُ صبايانا

وَعَرائِسُ مَغنانا

وَبُدورُ دُجانا

أشْلاءٌ فحَّمَها التّفجيرْ

وَعَلتْها أحْجارُ التّدميرْ

                                                                                                  *10*

ما أقْسى أنْ تغْدو

تِلْكَ القاماتُ الغَضَّة ُ

والضِّحْكاتُ الغِرَّهْ

والأسْماءُ الحُلْوَةُ

و الصَّوْتُ الكَرَوانْ

مِزَ قاً، أشْلاءْ

ليسَ لها اسْمٌ أوْعُنوانْ

واللّوْنُ الأحْمَرُ فيها

لطَّخَ كُلَّ الألْوانْ

                                                                                                  *11*

مَنْ يَشْفي

آلامَ الأسَرِ المَفْجوعَهْ؟

مَنْ يُنْهي

كَرْبَ بلادي المَوْجوعَهْ ؟

                                                                                                 *12*

يا مَنْ يَتسَلَّحُ بالإرْهابِ

وَيَحْترفُ القتْلْ

سِكّينُكَ يُمْكِنُ أنْ تغْتالَ

الكاتِبَ لا الكَلِمَهْ

وَرَصاصُكَ يُردي

الشّاعِرَ لا النّسْمَهْ

واللُّغْمُ وَإنْ يُغْرِقْ أحْياءً

أوْمُدُناً في الظُّلْمَهْ

لنْ يَحْجُبَ نورَ الشّمْسِ

وَضَوْءَ البَدْرِ

وَشعْشعَة النَّجْمَهْ

إنْ يَهْدِمْ مَدْرَسَة ً أوْ حَوْشاً

أوْ قصْرْ

لنْ يَهْدِمَ صَرْْحَ الفِكْرْ

أوْ يُزْهِقَ روحَ العَقْلْ

                                                                                                  *13*

يامَنْ يَلْهو بالأسْلِحَةِ

النّاريّة والبيْضاءْ

وَيُحَكِّمُها برقابِ

العُزَّلِ والضُّعَفاءْ

هَلْ تعْلمُ أنَّكَ بالسِّكينْ

تقْطَعُ عَنْ عَمْدٍ

شِرْيانَ بلادِكْ؟

هَلْ تدْرِكُ أنّكَ تنْسِفُ

بالألْغام ِ

جهادَ أبيكَ وأجْدادِكْ ؟

هَلْ تدْري أنَّكَ تحْكُمُ

بالإعْدام ِ

عَلى مُسْتقْبَل ِ أوْلادِكْ ؟

                                                                                                   *14*

يا "صالحُ نورْ "

يارَمْزَ الحُلْم ِ المَقْهورْ

لِجَزائِرَ تطْمَحُ أنْ تغْدو

لِبنيها ، لِلأحرار ِ جميعاً

واحَة َ نورْ

يافارسُ في أرْضٍ تغْتالُ فوارسَها

وَتزُفُّ إلى أحْضانِ المَوْتِ عَرائِسَها

وَمَنارَةَ حُبٍّ أهْوَتْها ريحُ البَغْضاءْ

في ليْلٍ شَتْوٍيٍٍّ

مَسْعورِ الأجْواءْ

                                                                                                   *15*

ياصالحُ نورْ

نبْكيكَ ونبْكي كُلَّ الفُرْسان ِ

الشّجْعانْ

مَنْ قالوا: لا للخوفِ

ولا لِلإذْعانْ

نبكيكَ ونبْكي كُلَّ مَنائِرِنا

نبْكيكَ ونبْكي فيكَ مَصائِرَنا

فعَسى أنْ تجْلو  زفْرَتُنا

تعْتيمَ ضَمائِرنا

وَعَسى أنْ تمْسَحَ دَمْعَتنا

إعْماءَ بَصائِرنا

*16*

ياصالحُ نورْ

يا رَمْزَ ضَحايا الوَحْشِيَّهْ

ما مُتَّ سُدى

بَلْ كُنْتَ فِدى

للوَطن  وللحريّة

 

الجزائر 20 ماي 1997


 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(1) صالح نور : كان إطارا ساميا في وزارة العدل ، وأحد مؤسسي اتحاد المترجمين الجزائريين بعد الاستقلال .


 

 

 

أنا بِنْتُ الجَزائِر

 

سأمضي، لنْ أكفّ عن المسير ِ   إلى أن يغتدي  بيدي مصيري

أنا بنتُ الجزائـر فانظـُروني    وقد حطّمتُ أصفادي وسوري

سئمتُ من الحياةِ بدون  معنىً    حبيسة مَخْدعي،سِجني الصّغير ِ

سئمتُ من الجواهـر  واللآلي    سئمتُ من الحُلِيِّ. من الحريرِ ِ

سئمتُ من التّـزيّن والعـطور ِ   ويُقْـرَن ذكر إسمي  بالسّرير ِ

تُهانُ كـرامتي ويُـباعُ  لحمي    بأثـمان ٍ تـسمّـى  بالمهور ِ

أعيش بعيدة عن روح عصري   وأشْغَـلُ بالسّفاسفِ  والقشور ِ

خرافات العـجائـز كـلّ  يوم ٍ   تعشّشُ دون وعي ٍفي ضميري

أصَـدّ ِقُ بالهـدايا  والنّـذور ِ   وأومن بالسّـحور  وبالبخور ِ

سَئِمْتُ تخلّـفي وكرهت  جهلي   وثرت لوضعي المزري الحقير ِ

وجئت لمعـهدي لأقيم   صرحاً   من الأخـلا ق والعـلم الوفير ِ

وأرقى للـعـلى كـيـما أؤدّي  أمانة موطني الغـالي  النّضير ِ

بجدّي واجتـهادي سوف أرقى   وليـس الجـدّ بالأمر  العسير ِ

فـداري دار تربـية وفـكـر ٍ   وداري دار إشـرا ق ٍ ونـور ِ

ومـعـهـدنا لأمّـتـنا رجاءٌ   وفي الظّـلماتِ كالبـدر المنير ِ

يضيء لجـيـلنـا أنوارَ هدْي ٍ  ويمحو ظـلمة الجهـل المرير ِ

سأحيـا فيه أكـتسبُ ا لمعالي   كتـابي سلوتي،درسي سميري

فـفي الآداب أدرسُ فكْرَ قومي  وأحفـظ شعرَهُمْ  عبْرَ العُصور ِ

وفي التـاريخ أشْهدُ ما أ قاموا  على مَـرِّ الممالِـكِ والدّهـور ِ

يُنـَمّي الرّسمُ إحساسي وذوْقي  وفي الأشغال تهذيبُ ا لشّـعور ِ

بحورَ العلم إنّي اليوم عَطـْشى  لأغـرفَ من ملـذّاتِ البُحـور ِ

سأمضي، لن أكفّ عن المسير ِ   إلى أنْ يغتـدي بيدي مصيري

 

* كتبت هذه القصيدة بمناسبة الحفلة السنويّة لثانويّة عائشة للبنات عام 1968، وألقتها إحدى الطالبات.