مـَحـَطّـات وَطـَنِيَّة وَقوْمـِيَّة

المحتويات:

 

1-    مختارات من القصائد الأولى:

أ‌-       ربيع ثورة .

ب‌- أغرودة البارود.

ج‌-    فرحة الوحدة.

2-   مسيرة الخيام.

3-   المخدوعون.

4-   اللعنة.

5-   عبادة الأصنام.

 

مُختارات مـِنَ القَصـائِد الأولى

 

كانت معظم القصائد الوطنية الأولى عن ثورة الجزائر وأول قصيدة كُتِبَتْ عام 1955.واخترت من هذه المرحلة قصيدتين عن الثورة وقصيدة عن الوحدة بين مصر وسوريا.ولطول هذه القصائد اكتفيت  ببعض الأبيات منها.

1ـ رَبــــــيـــــــعُ ثـَــــــــوْرَة

        طغْـيانُكُمْ زادَنـا  بالنَّصْر إيمانـا    

                      والنصْرُ يُؤْخَــذ ُ بالإيمان مُذ ْكانا

        وَسَفْـكُـكُمْ للضّحايا لنْ  يُرَوِّعَـنا         

                      فَمَـجْدُنا شـيدَ مِنْ أ شْلاءِ قتـْلانا

        فدَمِّروا أرْضَـنا وا سْتـنْزفوا دَمَنا     

                      وَحَرِّقـوا الحَرْثَ إجْراماً  وَطُغْيانا

        دوسوا العَدالةَ وانْسوا اليَوْمَ  مَبْدَأكُمْ       

                      وقدِّموا الجُـرْمَ للتـّاريخ بُرْهانـا

        فقِصَّة الجُـبْن ترْويها  جرائِـمُكُمْ         

                      وَترْبَة المَجْـدِ تـَرْويها  ضَحايانا

***

        رَبيـعُ ما لي أراكَ اليوْمَ  مُكْتـئِباً         

                      ولا أراكَ طـَروبَ الرّوح  جَذلانا

        ولا أرى النَّـسْمَة الهَـيْفاءَ عاطِرة ً         

                      تـَفوحُ مِنْ طيـبِها مِسْكاً ورَيْحانا

        والبُلبُلُ المُطْربُ الغِرّيد أيْنَ  مَضى        

                      عَـهْـدي بهِ يَمْلأ الآفـاقَ  ألْحانا

        رَبيـعُ إنـَّكَ قدْ ألْهَـبْتَ فِيَّ  دَمي          

                      وَتلْهـِبُ الذكْـرَياتُ الرّوحَ أحْيانا

        فَـلا أرى فيكَ إلاّ لحْنَ  مُغْـتربٍ         

                      يُمِضُّـني وَيُثـيرُ الحُزْنَ أشْجـانا

        ولا أرى في نشيدِ الطّيْرِ غيْرَ جَوىً         

                      يَزيـدُني لِبـلادِ الأهْـلِ تحْـنانا

***

        كَمْ ذِكْرَياتٍ تثيرُ الشَّوْقَ عَنْ بَلدي         

                      وَكَمْ برَبْـوَتِهِ غادَرْتُ  خِـلاّنـا

         في سَفْح أوراسَ حَيْثُ الرَّوْضُ مُزْدَهِرٌ

                      والزَّهْرُ تحْت النَّدى يَخْضَلُّ وَسْنانا

       هُناكَ  عِنْدَ ظِـلالِ السَّفْـح قرْيَتنا        

                      والنَّخْلُ مِنْ حَوْلِها يَهْتـزُّ  نشْوانا

       خَمائـلٌ تسْحَرُالألْبابَ  نضْرَتـُها        

                      أحالها الغـادِرونَ اليَوْمَ  قـيعانا

***

       أوْصاكُمُ الرَبُّ أنْ تحْموا مَبادِئـَهُ          

                      فكنـتـمو لوصايا الربِّ خُوّانـا

       فالربُّ قالَ لكُمْ: كونوا  قـساوسَة ً        

                      فكنتمو في ارتكاب الجُرْم ذِئـْبانا

        والربُّ قالَ:عَلى الأرْض السَّلامُ فهَلْ  

                      أضْحى سَلامُكُمو حِقداً  وأضْغانا

       أرَبُّكُمْ قالَ : سوموا الأبرياءَ أذىً؟        

                      أمْ أنْتِ قلتِ لهُمْ يابِنْتَ  عِـمْرانا

       أنْ يقتلوا نِسْوَة ً قدْ ذدْنَ عَنْ شَرَفٍ        

                      ويَذبَحوا عَـنْوَة ً شيـباً وَوِلْدانـا

***

       لَكَمْ تحَمَّلَ شعْـبي  مَنْ جُنونِكُمو        

                      وَعودُهُ في النِّضالِ المُرِّما لانـا

       وكَمْ شرِبْنا كُؤوسَ الـذلِّ مُترَعَة ً        

                      وَكَمْ طَعِمْنا صُنوفَ القهْرِ  ألْوانا

       وأرْضُنا البِكْرُ تمْتصّونَ  زُبْدَتها        

                      وتـَقْلِبونَ لنـا الأفْراحَ أحْزانـا

       واليَوْمَ ثرْنا دِفاعاً عَنْ  كَرامَتِـنا         

                      نهفو إلى الموتِ كالآسادِ  شُجْعانا

       حتى نجودَ بمَهْر المَجْدِ مِنْ دَمِنـا       

                      ونبْذلَ الرّوحَ للعَـلياءِ قـُرْبانـا


 

     دمشق 21 / 02 /1957


 

     

2 ـ أُغْرودَةُ البارود

البُعْـدُ يُـخْمِدُ أشْواقَ المُحِـبّينـا

حيـناً وَيـُذكي لظى أشْواقِهِمْ حينا

إلاّ أنا ليْسَ يخْبو الشّوْقُ في  كَبدي

وَكلَّما  زدْتُ بُعْـداّ  ثـارَ  مَجْنونا

يَصْبو إليْكِ وَما يَنـْفَكّ يَعْصِفُ بي

أحِسّهُ في دَمي يَفْـري  الشّرايـينا

أوراسُ أغْرودَة البارودِ   كَمْ خَلقتْ

قِـمّاتِكِ الشُـمُّ  أبْطالاً  مَـياميـنا

وَخَلّـدَتْ بالنِّضالِ العَـبْـقرِيِّ لنا

بَنْدَ الكَرامَـةِ يَـزْهو في   رَوابينا

***

أزُفّ بُشْرى إليْكِ  اليَوْمَ  عا نَـقها

جُرْحُ الضّحايا وَخطّتْها   مَواضينا

تنْسابُ في نَـفْحَةِ الأنْسـام  أغْنِيَة ً

يَشْدو بها الشّعْبُ ميجانا  وَدَلْعونـا

***

أزُفّ بُشْرى رَعاها الله كَمْ  خفقـتْ

لها القلوبُ صَنعْـناهـا   بأيْديـنا

مِنَ الدِّماءِ مِنَ الأشْلاءِ صَمّـمَـها

إيمانُ شَعْـبٍ  بعَزْم يَمْـقتُ اللّيـنا

كُنا نَعيشُ عَلى الذِ ّكْرى  وَما  بَر ِحَتْ

إشْراقةالأمْس والماضي  تغَـذيـنا

نقْتاتُ مِنْ مَجْـدِ أجْدادٍ لنا سَطروا

في مَوْكِب الدّهْر أجْيالاً مَعـالينـا

ونَحَْنُ في وَطْأةِ الكابوسِ ليْـسَ لنـا

سِوى الأماني تهَدْهِدُنا  وَتغْـرينـا

نَنوءُ تحْت  ثِـقالِ القيْدِ  تخْنُقـنـا

دَوّامَة’الرّعْبِ،  كَمْ كنّا مَساكيـنـا

يَعيثُ في أرْضِنا الأغْرابُ  أقـْلقهُـمْ

أنّ النّوائِبَ زادَتْ مِنْ تآ خـيـنـا

فَجزّأ ونـا دُوَيْلاتٍ  ليَـمْحـونـا

وكبّلونـا ونـاموا  مُطْمَئِـنّـينـا

نَسيرُ نَحْـوَ مَصير ٍ  قدّروه  لنـا

لولا بَـقِـيّة’عَزْم ٍ لمْ تزَلْ   فينـا

وَلمْ يَزَلْ ظـُلْمُهُمْ  يُذْكي عَزائِـمَنـا

وجُرْحُنا الثـّائِرُ  المَحْمومُ يُدْمينـا

وَصَوْتُ رُوّادِنا يُدْمي  مَسـامِعَـنـا

في حَمْأةِ العَـسْفِ أنْ ثوروا  أبيّينـا

وَكانَ ما كانَ وانتفضَتْ   مَواكِبـُنـا

تسابق الفَجْرَ نحْـدوهُ  ويَحْـدونـا

***

ما عادَت  الأمْنِياتُ  البِكْرُ ترْويـنـا

وَأوْشَكَ الصَّبْرُ  يُبْقـيـنا أذلـّينـا

فَماجَت الأرْضُ مُعْلنَـة ً تـمرّدَهـا

وفجّرَتْ سُخْطها الطّاغي بَراكينـا

حتّى غَدا كُلُّ شِبْرٍ مِنْ ثرَى وَطني

مِنَ المُحيطِ إلى بَغْدادَ حِـطـّينـا

اليَوْمَ  تسْمو جباهٌ عافت الطّيـنـا

ويحْطِمُ  القيْدَ مَنْ كانوا  مَساجيـنا

***

باسْم  الكِفاح  يُوَحِّدُنـا  وَيَجْمَعُـنا

باسْم الألى استشْهدوا باسْم المُضَحّينا

نُقيمُ دَوْلتـَنـا الكُبْرى عَلى  أسُسٍ

مِنَ السّيـادَةِ  أحْراراً أعَـزّيـنـا

وَلنْ تطولَ بنـا الأيّامُ  حينَ  نَرى

قوافِـلَ الوَحْدَةِ  العُظْمى  توافينـا

***

أوراسُ قدْ أشْرقتْ أحْـلى أمانينـا

فشـاركي فرْحَة العيدِ المَلايـينـا

*كتبتْ بدمشق عند إعلان الوحدة بين مصر وسوريا في فيفري1958.

 

3ـ فرْحَـةُ الوَحْـدَة

                                دمشق فيفري 1959

إلى الصديق وجدي رشاد عبد الحليم في مدينة بورسعيد الباسلة.

 

ليْتكَ اليوْمَ في دِمَشْقَ  لِتحْيا    مَعَها فجْرَ أبْهَجِ الأعَـيادِ

إذْ تغَـنّى لها الزّمانُ بلقـْيا    أنْبياءِ السَّلام  رُسْل الحِيادِ

بَطلِ الصّرْبِ رائدِ السّلْم" تيتو"    و"جَمال ٍ" مُحَطِّم الأصْفادِ

***

يا أخي  هذِهِ دِمَشْقَ عَروسٌ    يَتغنّى بحُسْنِها كُـلُّ شادي

زُفـَّتْ اليَوْمَ للحَبيبِ لِتَرْوي    غُلّة َالشَّوْق بَعْدَ طول بعادِ

سَكِرَتْ مِنْ سُلا فةِ المَجْدِ فاخْتـالتْ وتاهـتْ بقَدِّها المَيّادِ

نَشْـوَةُ الإنْتِصار مِلْءُ أغانيـها لِذِكْرى إشْـراقةِ  الإتِّحادِ

عانَقَ السَّفْحُ"ميجَناها"وهامَتْ    "بالعَتابا "غوطاتُها والوادي

***

بورسعيد البطلة

ياأخي "وَجْدي" كَمْ حَلُمْتُ بلقْيا    بورسعيدٍ  مَدينتي  وبلادي

وتمَنّيْتُ أنْ أعـانِقَ أشْـلاءَ الضَّحايا  في ترْبةِ  الأمْجـادِ

***

يَعْرفُ البَحْرُ قِصَّة ًكَمْ حَكَتها    هـادَراتُ الأمْواج للأطْوادِ

عَنْ عَروس الشّطآن ِ فاتِنَةِ الشّرْق ومَهْـدِ الجَمالِ والإنْشادِ

إذْ غَزتْها جَحافِلُ الغَـدْر كَيْ تَخْـنُقَ فـيها انْتِفاضَة الآسادِ

***

قِصّة ٌ في سُطورِها ألفُ مَغْزىً    مُشْـرقٍ خالِدٍ مَـدى الآبادِ

للشـُّعوبِ التي تنامُ على الضَّيْـم وتكْـبو في ذِ لّةٍ وانْقِـيادِ

والشّعوبِ التي تتوقُ إلى البَعْـثِ وتمْضي لِفَجْرِها  في عِنادِ

***

قِـصَّة روَّعَتْ جَبابرَةَ البَـغْـي ِ وهزَّتْ صُروحَ الاسْتِعْـبادِ

كُلُّ حَرْفٍ قدْ خَضَّبتْهُ جـِراحٌ    تتلظّى مِلْءَ  الذرى والوهادِ

بورسعيدٍ أنْشودَةُ الـنّـار والبـارودِ والبَذلِ والفِـدا والجهادِ

بَلـَدُ الحُـبِّ والسَّلام.ِ.ولكن    إنْ تُضَـمْ فهْيَ فوْرَة الأحْقادِ

أسْـدُها نسْلُ أمَّةٍ لمْ ترُعْـها    كارثاتُ الدّهور مِنْ عَهْدِ عادِ

والذي يَنْشُدُ العُـلى يتحدّى الـمُستـحيلاتِ كيْ يَصُدَّ الأعادي

لايُبالي أضُـمِّخَ الدَّرْبُ بالأطْـيـابِ أمْ عَـجَّ بالقـَذى والقتادِ

      

*مطلع هذه القصيدة موجود في "محطات تربويّة" بعنوان "الصديق".

 

 

 

 

 

مَـسيرةُ الخِـيام

 *1*

مُخيفَة ٌ مَسيرَةُ الخِيامْ

مُرْعِِبة مَسيرَة الخِيامْ

قوافلٌ غاضِبَة ٌ يُشفِقُ مِنْ  زِحامِها الزِّحامْ

تكْنُسُ في طريقِها الأقزامَ والحُكّامَ والأزلامْ

وتوقِظُ الضّمائِرَ التي

غفَتْ عِشرين عامْ

 *2*

مُضْنِيَة ٌدُروبُها مَسيرة الخِيامْ

طويلة أيّامُها مسيرة الخيامْ

مسيرة الخيام لمْ تحُطّ رَحْلها

مِنْ أكثرَ من عِشرينَ عامْ

عشرونَ عامْ

تبحث عن ربوعِها الخِيامْ

عشرون عاماً

والظّلامُ يكْنفُ الدّروبْ

والخيام لم تصلْ إلى الرّبوعْ

ضلّلها الذين قد تصدّروا

طليعة المسيرهْ

وكُلِّفوا حِراسَة الخِيامْ

وحينَ بانتْ الدّروبْ

وانْحَسَرَ الظّلامْ

وَعَرَفتْ طريقَها الخِيامْ

تآمرَ الذينَ كُلِّفوا

حِراسَة المسيرهْ

ليُغْرقوا الخيامَ بالدّماءْ

*3*

لرُبّما يقرّرُ الكِبارْ

يقرّرُ الذينَ يحْسَبونَ

أنّهمْ كِبارْ

وأنّ في أيديهمُ

المُقدَّراتُ والزّمامْ

لربّما يقرّرونَ

أنْ يُرَفْرفَ السّلامْ

وينتهي النِّزاعُ والخِصامْ

ورُبّما ينفّذ الصِّغارُ

ما قرّرَهُ الكِبارْ

ويُؤْمِنونَ أنّ الصّلْحَ

سَيّدُ الأحْكامْ

وَيَرْجعونَ خَطوتيْنِ للوَراءِ

دونَ أنْ يُفكِّروا

بخَطْوةٍ إلى الأمامْ

لرُبّما،ورُبّما

وألفُ ألفِ رُبّما

لكنّما الكبارُ والصِّغارْ

إذْ يحْلمونَ بالحدودِ الآمِنَهْ

وبالسّلامْ

لمْ يُدْركوا بأنّهُ

لنْ يولدَ السّلامُ

قبلَ أنْ يَمُرَّ بالخيامْ

لنْ يولَدَ السّلامُ قبل أنْ

تسهمَ في مَخاضِهِ الخِيامْ

 *4*

ماضِية في زحْفِها

مسيرَة الخِيامْ

تكْنُسُ في طريقِها

الأقزام والأزلامْ

وتطحَنُ الظّنونَ والأوْهامْ

وتوقِظُ الضّمائرَ التي غفتْ  أكثرَ مِنْ عِشرينَ عامْ

ماضية ٌ تغزلُ من دِمائِها

فجْرَ السّلامْ

فجْرَ سَلام ٍ عادل ٍ

تورقُ في ظِلالِهِ المَحَبّهْ

ويلتقي الأحبّهْ

بعدَ فِراق ٍ

جاوَز العِشرينَ عامْ

ساعَتها سيولدُ السّلامْ

وتنتهي جَحافِل الظّلامْ

ساعَتها..

تحُطّ ُرَحْلها مَسيرَةُ الخِيامْ

 

*نشرت في جريدة الشّعب يوم الاثنين 28 سبتمبر 1970

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المَـخْـدوعـون

 *1*

ريحُ السَّموم مِنَ الجحيمْ

هبّتْ على بغدادْ

بقنابلٍ ومدافعٍ

تستهْدِفُ الإنْسانَ والتّراثَ والأمْجادْ

زحفَ الجَرادُ من الجَنوبْ

هَجَمَ التـّتارُ من الشمالْ

وأتى القراصِنَة الكبارْ

وكلُّ مَصّاصي الدِّماءْ

مِنَ القِفار من البحارِ

مِنَ الفضاءْ

مدجّجينَ مدرّعينْ

إلى بلاد الرّافدينْ

بالكُرْهِ والبَغْضاءِ

والحِقْدِ الدّفينْ

يغزونَ أرْضَ العَرَبِ

طمعاً بنهْبِ النّفْطِ والذهَبِ

*2*

جاء الغزاة الأمْرِكانُ مُحَرّشينْ

مُعْظمُهُمْ مِنْ فِتيةٍ

أغْرارَ  مَخْدوعينْ

قالَ لهُمْ مَنْ زيّفوا أحْلامَهُمْ

ولوّنوا أوْهامَهُمْ

وزيّنوا الشرَّ لهُمْ

بأنّهُمْ مِنْ طينةٍ مُمْتازةٍ

تفضُلُ طينَ الآخرينْ

وأنَّهُمْ رُسُلِ التحَرّرِ قادمونْ

ليُنقِذوا المُضْطهَدينْ

ويُخَلِّصوا المُعَذ ّبينْ

*3*

قيلَ لهُمْ:سَتـقصِدونَ

أرْضَ ألْفِ ليْلةٍوليْلهْ

في نُزْهَةٍ قصيرَةٍ جَميلهْ

يلقاكمو سكّانُها

بالقبُلاتِ والزُّهورْ

تسْتمْتِعونَ بالخُصورِ

والصّدورِ والنّحورْ

وتنعَمونَ بالقصورْ

وتنتشونَ بالخُمورْ

وتسْقِطونَ الدِّكْتتورْ

وترْجعونَ بالكنوزِ

والحَريرِ والعُطورْ

مُعَزّزينَ سالِمينْ

مُكَرّمينَ غانِمينْ

*4*

لكنّهم يَرَوْنَ في

عِراقِنا العَجَبْ

فأرْضُها لهَبْ

وأهْلها المُسالِمونْ

فوارسٌ عِنْدَ الغَضَبْ

وَكُلُّ مَنْ يَمَسَّها

يُصيبُهُ العَطبْ

*5*

سَيَرْجعونَ لأهْلِهِمْ

من غير نفطٍ أو ذهَبْ

مُحَمَّلينَ في صَناديق خَشبْ

قد كُفِّنتْ في صَدْرهِمْ

أحْلامُهُمْ

وحُنِّطتْ بعُيونِهِمْ

أوْهامُهُمْ

*6*

فلنبْكِهمْ بكاءَنا قتـْلانا

ولنَرْثِهمْ رِثاءَنا مَوْتانا

فالمَوْتُ قدْ طهَّرَهُمْ

وَمَحا تجَبّرَهُمْ

ونضا العداوَةَ بيننا وبينَهُم

فأصبَحوا مُسْتضْعَفينَ مِثلنا

وأبْرياءْ

فكلنا سَواءْ

ضَحِيَّة لِمُشْعِلي الحُروبْ وَمُرَوّعي الشعوبْ

*7*

ونفحةٍ من جنّة الخُلدِ

نسَمَتْ على بغدادْ

ريّانة بالسِّلْم ِ والبَرْدِ

تطاردُ الرّيح السَّمومَ

والتّتارَ والجرادْ

وتنْعِشُ المُقاتلينَ الصّامِدينْ

الذّائدينَ عَنِ الكَرامَةِ والبلادْ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*نشرت بجريدة "صوت الأحرار" يوم السبت 29 مارس 2003


 

اللـَّعْــنَة

*1*

اللّعْنَهْ ! احْترِسْ ! اللّعْنهْ !

اللعْنة ُفي كُلِّ مَكان ِ

اللعْنة تجْتاحُ الدّرْبا

تنقضّ لِصَيْدِ الفرْسان ِ

وَتعشّشُ في كلِّ مَكان ِ

*2*

الشّمس تغيب بلا موعدْ

واللعنة تنشط في العُتْمهْ

تتربّصَ تزحفَ تترصّدْ

وتَحوّمُ تبحَثُ عَنْ لقمهْ

*3*

النّجْدهْ ! ياويلي النّجْدهْ

اللعْنة تمتصّ عُروقي

اللعْنَة حَلّتْ بطريقي

أحْقادُ إلهٍ إفْريقي

لا يُمْطِرُ غيرَ اللّعنات ِ

*4*

جرْذانُ تنْهَشُ أطْرافي

ثعْبانٌ يَهْتصِرُ ضُلوعي

خفّاشٌ فرَّخَ في عَيْنَيْ

النَّجْدَهْ ! ويلي ! وَيْلاهُ !

لا تجْدي وامُعْتصِماهُ

*5*

قدْ عادَ الدَّرْبُ بلا فُرْسانْ

والخوْفُ غدا خبْز الشجْعانْ

واللعْنَة مِنْ كُلِّ الألْوانْ

ما زالتْ تزْحَفُ تترصَّدْ

وتعشّشُ في كلِّ مَكانْ

*6*

البَحْثُ عَنْ الشمْس جَريمَهْ

فلتغْمِسْ رَأسَكَ في الطّين ِ

فتّشْ عَنْ خُبْزِكَ في الأوْحالْ

جَنِّدْ أبْناءَكَ للسُّخْرَهْ

فِرْعَوْنُ يُقيمُ الأهْراماتْ !

 

*هذه القصيدة تتحدث عن أجهزة القمع التي ساهمت في فصم عرى الوحدة بين مصر وسوريا.وأجهزة القمع تتشابه في كل زمان ومكان

ــــــــــــــــــــــــــــ


 

عِبادَةُ الأصْـنام

*1*

ما قيمَة الإنْسانْ ؟

إنْ حوصِرَ الفِكرُ وأ ُلجِمَ اللِّسانْ

ما قيمَة العِرْفانْ ؟

إنْ استوى العالِمُ والجاهِلُ

في التـَّسْبيح للطّغْيانْ

ما قيمة الفُرْسانْ ؟

إذا تبارى الشـَّهمُ والجَبانْ

في تلميع صورَةِ السُّلطانْ

وتنافسا في خِدْمَةِ الأعْوانْ

ما قيمَة الميزانْ ؟

إنْ كانَ مَنْ يَحْمِلهُ

لايَعْرفُ الأوْزانْ

ما قيمَة الأدْيانْ ؟

ما دامَ قدْ حَوَّلها الإنْسانْ

مِنْ جَنّةٍ للحُبِّ والسَّلام ِوالإخاءْ

إلى جَحيم ِالبُغْضِ

والنِّزاعِ والعَداءْ

ما قيمَة الزّمانْ ؟

إنْ وقفتْ ساعَتـُنا

عِنْدَ سُقوطِ الأنْدَلسْ

وجَمََدتْ عُقولنا

بهَجْمَةِ التـتارْ

ما قيمَة المَبادىءْ ؟

إنْ هَبَطتْ أسْعارُها إلى العَدَمْ

في بورصَةِ القِيَمْ

وعُدّتْ الفضيلهْ

في خانَةِ المَساوىءْ

وبيعَت الضَّمائِرْ بأبْخس الأثمانْ

بعُمْلةِ الأورو وبالدّولارْ

ما قيمَة الأوْطانْ ؟

إنْ أصْبَحَ الوَلاءُ للحُكّامْ

والحِزْبِ والطّوائِفْ

وأضْحَتْ الوَظائِفْ

مَحْصورَة ً في الأقرباءِ

والرِّفاقِ والمعارِفْ

*2*

عِبادَة الشّخْصِيّهْ

عَقيدَة مِنْ عُمُر الزّمانْ

أبدعها الإنسانُ لاستعبادِ

 جنسه الإنسانِْْ

قامتْ على تلذ ّذِ الحاكِم

بالتعْذيبِ والتنكيلِ والسِّيادَهْ

ولذة المحكوم

بالخضوع ِ والعِبادَهْ

والعيش مسلوب الإرادهْ

ولا وُجودَ للصََّنمْ

لوْ كانت الجباهُ تأنَفُ الرَّغَمْ

*3*

في كلِّ قطْر ٍ صَنَمٌ

يَزْعُمُ أنّه الصَّمَدْ

يَطْلبُ مِنْ عُبّادِهِ

ألاّ يُشارِكوا بهِ أحَدْ

لابُدّ أنْ يُوَحِّدوهْ

وأنْ يُفوِّضوهُ

في الأمْوال ِوالوَلدْ

وأنْ يُسَوِّدوهُ للأبَدْ

*4*

نحْنُ الّذينَ نَصْنعُ الصَّنمْ

نَنْحَتهُ مِنْ رَأسِهِ إلى القَدَمْ

نَصوغُهُ مِنْ كََذِبِ المُنافِقينْ

و"نَعَمْ" المُوافِقينْ

وغفْلةِ المُصَدّ قينْ

وعَبَثِ المُصَفّـقينْ

مِنْ شَطَحاتِ الشعَراءْ

وشقْشقاتِ الخُطباءْ

وبلاغَةِ الكُتّابِ في الجَرائدْ

والصّورِ التي يَعْرضُها

التّلفازُ للمُشاهِدْ

كلَّ صَباح ٍ وَمَساءْ

للحاكِم ِ الصّنمْ

يَخْطبُ في الرِّجالِ في النِّساءْ

في الجُنودِ في العُمّالِْ

يحْتَضِنُ الصّغارَ والأطفالْ

يُدَشِّنُ المصانعْ

ويَغْرسُ المزارعْ

وَكُلّنا نذكُرُهُ

بنَبْرَةِ التمْجيدِ والتعْظيمْ

في نشرَةِ الأخْبارْ

في خُطب المَساجدْ

في نُظم ِالتّعليم ِفي المَعاهِدْ

نجْعَلُ من تأليههِ عَقيدة ً

تسْمو على العَقائدْ

*5*

نَحَْنُ الّذينَ نصْنعُ الجَلاّدْ

نُهدي له الكُرْباجَ

والقيودَ والأصْفادْ

نَبْني له المُحتشداتِ والسّجونْ

نجْعلُ من أنْفسِنا

له ذِراعاً وأذاناً وعُيونْ

نُسْلِمُهُ تقرّباً أصحابَنا

نَخون في وَلائِهِ أحْبابَنا

فيمْلِكُ البلادَ والعِبادْ

مُحَكِّماً في أرْضِنا

وعِرْضِنا الأوْباشَ والأوْغادْ

وبانياً من ظلمنا الأمْجادْ

وحينَما نشعُرُ بالهَوانْ

يكونُ قد فاتَ الأوانْ

*6*

لا ذنْبَ للحُكّامْ

هِيَ الشّعوبُ تصْنعُ الأصْنامْ

وتحْرقُ البخورَ في مِحْرابها

وتذبَحُ النّذورَ في أعْتابها

هي التي " تـُفَبْرِكُ "الرّائدَ

والقائدَ والأوحَدَ والصّدّامْ

لأنّها مِنَ الأزَلْ ولم تَزَلْ

ولا تزالُ تعْبدُ الأصْنامْ

*7*

متى أعدنا

قيمة الإنْسانِ للإنْسانْ

وأطْلِقَ العِنانُ للعُقولِ واللِّسانْ

تحرَّكَتْ عَقاربُ الزَّمانْ

واعْتدَلَ الميزانْ

وانهارَت الأصْنامْ

الجزائر جويلية 2000


 

للاطلاع على قصائد هذه المجموعة، انقر هنا: محطات عاطفية

للاطلاع على الأشعار الأخرى للكاتب انقر هنا:  الأعمال الشعريّة