الفصل الأول
من مسرحية الزينة وزوج خطـّابين
للكاتب عبد الله خمّار
المشهد الأول
[يفتح الستار على حانوت بائع المجوهرات بشير الصّايغ. هناك خزانتان زجاجيتان مستطيلتان في وسط المسرح تعرض فيهما الحلي الذهبية والفضية المزينة بالأحجار الكريمة. على الجدران المطلية باللون السكري "البيج" لوحات لفتيات جميلات يرتدين أجمل الأزياء ويتزينّ بأبهى العقود والأساور والخواتم الذهبية المرصعة بمختلف أنواع الأحجار الكريمة. وفي السقف فوق الخزانتين تتدلى ثريّا مذهبة تتلألأ أنوارها وتنعكس على الحلي في الخزائن الزجاجية فتزداد بريقا ولمعانا. أما الواجهة "الفترينة" فهي على يمين المسرح والجمهور لا يراها من الداخل ولكن الزبائن داخل الحانوت يمكنهم رِؤيتها. هناك على اليسار طاولة مكتب باللون البني الفاتح المائل قليلا إلى الأصفر عليها بطاقات تحمل اسم وعنوان المحل، وكرّاس لتسجيل المبيعات وأوراق وجهاز تلفون. ووراءها كرسي من نفس لون وخشب الطاولة، وبجانبهما كرسيان منجدان بالمخمل البني للزبائن. وهناك مدخلان الأول على اليمين للدخول والخروج من الحانوت والثاني على اليسار يؤدي إلى غرفة داخل الحانوت تستعمل كمشغل لصياغة المجوهرات وإصلاحها.
يدخل "سعيد" من اليسار وهو شاب في حوالي السادسة والعشرين أسمر متوسط الطول مربوع القامة يرتدي بدلة صيفية من نوع "سفاري" زرقاء اللون وينتعل صندلا أسود، ويضع في يده اليسرى ساعة فضية، وبيده قطعة قماش يمسح بها الخزانتين الزجاجيتين. تدخل امرأة في الأربعينات ترتدي الحايك والعجار.)
الزبونة: صباح الخير.
سعيد: صباح الخير. مرحبا بيكي أختي.
الزبونة: تقدر تعاوني، حبيت هدية شابة لعروس.
سعيد: واش حبيتي تهديها؟مسايس؟ كرافاش؟ خيط الروح؟ محزمة؟ خيط الجوهر؟ خلخال؟ مناقش؟ خاتم؟
الزبونة(محتارة): والله ماني عارفة !
سعيد: اشحال تحبي تخلصي؟ خاطر كل حاجة بسومتها.
الزبونة: المسايس اللي في الفترينة بشحال؟
سعيد: هادو سبيعيات، سبع مسايس وذهب صافي عيار 21 انتاع بلادنا يسواوْ سبع ملاين.
الزبونة: لقيتهم عند واحد الصايغ بخمس ملاين.
سعيد: تقدري تصيبيهم حتى بمليونين عيار9 والا 10 ذهب والباقي نحاس. وكاين عيار 18 ماشي 21، والذهب انتاع إيطاليا ماشي انتاعنا عندنا منهم، ونبيعلك بسومة أرخص من لخرين. شوفي أختي في الفترينة اللي هناك تقدري تخيري واش تحبي. عندك ثاني الذهب التركي والإيراني.
الزبونة: صحة، درك نشوف المسايس. وحبيت ثاني خاتم يكون فيه حجر شباب.
سعيد: الله يبارك. واش حبيتي الحجر اللي يكون فيه؟ كاين عقيق أحمر، ياقوت أصفر وياقوت أزرق، فيروز، زمرّد، زبرجد، كهرمان، مرجان وإذا حبيتي تقدري تديري ألماس.
الزبونة: حبيت اللون الأخضر.
سعيد: اللون الأخضر شباب، زين ما خيّرتِ. عندك في الأخضر الزمرّد والزبرجد، وفي زوج شابين. خيري الخاتم اللي حبيتي والحجر اللي حبيتي ونديرهولك في الخاتم.
الزبونة: وإذا كان عندي ذهب قديم حبيت نبدلو بالحاجة اللي راهي ماشية درك، تبدلهولي؟
سعيد: نبدلهولك بلا ما تخسري فيه. هاو المعلم جا.
(يدخل البشير وهو رجل في أوائل الخمسينات مائل إلى الطول، يرتدي سروالا وسترة بنيتين من اللباس التقليدي العاصمي وحذاء بنيا لامعا من النوع الرفيع ويضع شاشية على رأسه):
بشير: صباح الخير.
الزبونة: صباح الخير سي البشير. أنا كريمة مرت سي العمري.
بشير: مرحبا بيكي. واش راهو سي العمري؟ عندي مدة ما شفتوش.
الزبونة: بخير، يعطيك الخير. هوّا اللي بعثني عندك وماذابيك تخلي وليدك يتهلى فيّا.
بشير: السعيد ماشي وليدي لكن كيما وليدي. ماتخافيش يتهلى بلا ما نقوللو. ما يغش ما يزيد في السوما. ينصحك، اشري عليه وانت مغمضة ومن بعد روحي للصيّاغ لخرين سقصيهم إذا واحد منهم عطاكي سوما كيما سومتو خودي السلعة باطل.
الزبونة: درك طمنتني.
بشير: كيما راني نقولك. تعرفي المثل اللي يقول: "الناس أجناس، كاين الذهب وكاين الفضّة وكاين النحاس. السعيد هادا ذهب صافي عيار 24.
سعيد: ربي يخليك لينا يا سي البشير.
الزبونة: امّالا ما كان لا نساوم. (تخاطب السعيد): خيّر لي انت المسايس اللي يعجبوك والخاتم اللي قتلك عليه.
سعيد: الله يبارك.
(تطفأ الأنوار وتعزف الموسيقى دلالة على انقضاء الزمن)
المشهد الثاني
(تنار الأضواء من جديد ونرى سي البشير صاحب الحانوت يتكلم مع ابنه سليم وهو شاب في حوالي الرابعة والعشرين أبيض البشرة أزرق العينين متوسط الطول يميل إلى البدانة قليلا. يرتدي سروالا يصل إلى تحت الركبة بقليل"بنتاكور" وقميصا مخططا أنيقا وشعره الأجعد مسرح إلى الأعلى تسريحة غريبة وفي يده ساعة ذهبية)
بشير: درك إنت رجعت من فرانسا وتعلمت هناك الصنعة انتاعنا. ماذابيّا تزيد تفهمها مليح وتولـّي معلم فيها كي السعيد.
سليم(مستنكرا): حبيتني نولـّي كي الخدّام انتاعنا؟
بشير: ما تقولش الخدّام انتاعنا. هذا ماشي عبد عندنا. ما تحقرش الصنعة ياوليدي. الصنعة هيّا اللي تجيب المال وتجيب الهيبة لابن آدم. اجدادنا قالو: "مولى الحرفة عاش في الدنيا سلطان.
سليم: علاه يابابا؟ بالمال نقدر نجيب سعيد واللي خير من سعيد.
بشير: لكن ياوليدي المال يروح في زلزال والا حريق. واللي عندو صنعة يقدر يجيب المال، واللي ما عندوش يبقى يبكي عالمال وما ينفعو البكا. قالوها الاولين: يفنى مال الجدين وتبقى حرفة اليدين. ولما تكون مولى صنعة اللي يخدمو معاك ما يكلخولكش، وإذا كنت ما تعرفش يلعبو بيك وياكلوك.
سليم(يصمت):
بشير: راك شايف باللي رانا نجيبو عمال من الخارج خاطر الشباب انتاوعنا ما يحبوش يخدمو صنعة اليد: النجارة والحدادة والبنيان. يحبو يخدمو شيفان في البيروّات.
سليم(يصمت):
بشير: واش بيك تعقنت؟
سليم: راني نسمع لك يا بابا.
بشير: ما قتليش عندك الحق يابابا. قتلي راني نسمعلك. ما علينا. يلزم تكمل نص دينك. ماذابيّا أنا ويمّاك نفرحو بيك ونزوجوك ونزهاو باولادك.
سليم(بفتور): كيما حبيت يابابا.
بشير: كاين حبيبي الحاج محمود، تاجر قماش بالجملة وربي منعم عليه. عندو طفلة ما شاء الله، متدينة ومتخلقة.
سليم: وباباها مرفـّه؟
بشير: واش هادي الهدرا، أنا نقولك متدينة ومتخلقة ونْت تسقصي على باباها. انعم إيه باباها مرفه وزيد بزيادة الطفلة ورثت عن أمها أملاك وأراضي غير الذهب والمال اللي في البنك. إذا راك معوّل نخطبوهالك.
سليم(بفتور): كيما حبيت يابابا.
بشير: كيما وصيتك. تعلم مليح الصنعة من السعيد وتعلم وشوفو كيفاش يبيع ويشري ثاني. راني وصّيتو يتهلـّى فيك.
سليم(بفتور): كيما حبيت يابابا.
بشير: شوف ياوليدي. الحاج محمود نسى شكارة سميد في سيارتي. لو كان تروح توصلها لو وهكذا تتعرف بيه قبل ما نروحو نخطبو بنتو.
سليم: لا يابابا، ابعثها مع السعيد خير. ما نحبش يحسبني خديم عندو قبل ما نتزوج بنتو.
بشير: واش هذي الهدرة السامطة. زيد بزيادة واش راك داير في شعرك؟ (يضع يده على شعره ويملسه): علاش راك تقلد في لخرين. (يدخل السعيد): هاو السعيد جا. درك نبعث الشكارة معاه.
(تطفأ الأنوار وتعزف الموسيقى دلالة على انقضاء الزمن)
المشهد الثالث
(تنار الأضواء من جديد. يدخل عاشور وهو شاب في حوالي الثلاثين أسمر طويل ونحيف الجسم في خده الأيمن ندبة، يرتدي سروالا تقليديا أسود وقميصا مفتوحاً يظهر شعر صدره، صوته خشن ويتحرك ويتكلم مثل "الهظـّي" الفتوّة، ويضع في معصمه سواراً فضياً، وفي رقبته قلادة عليها صورة جمجمة تتدلى فوق صدره، ويحمل محفظة سوداء فيستقبله سليم مرحبا به)
عاشور(بصوت خشن وبلهجة الهظـّي): فين راك يالخو؟ لو كان ما نسقصيش عليك ما تسقصيش عليّا.
سليم: والله دايما راك في بالي وما نسيتكش يالخو، بالصح الشيخ راهو مزيّرني بزّاف. مسيّف عليَّ نقعدلو في الحانوت من الصباح للعشيّة.
عاشور(يفتح المحفظة ويخرج منها حلي ذهبيّة: خواتم وأساور وعقود): ماذابيّا هادو يدخلو الفرن ويتذوبو.
سليم: علاش أنا نشوفهم شابين هكذا والخدمة انتاعهم متحوفة.
عاشور: ما تحوسش تفهم. قتلك هادو يتذوبو يعني يتذوبو ويرجعو ذهب صافي.
سليم: وقيل راهم مسروقين.
عاشور: أنا وين على بالي. اللي يبيعلنا برخيص نقولولو راك سارقهم!
سليم: عندك الحق، احنا نشريو وماعلابالنا اللي باعنا منين جابهم.
عاشور: درك نستعرف بيك. المهم احنا نضيعو الجُرّة باش نكونو في أمان.
سليم: وعلاش ما تذوبهمش عندك في الحانوت؟ والا تخاف من باباك؟
عاشور: لالا. بابا ما يهمّوش إن كانوا مسروقين لكن إذا شافهم يذوّبهم ويدّيهم ونا محتاج دراهمهم.
سليم: وعلاش إذا احتجت دراهم ما يعطيكش؟
عاشور: إنت ما تعرفش بابا. بابا ما يخرّجش الدورو حتى يدير تحقيق. الدولة ما تقدرش تدّي الغرامة منـّو. كل مرة يجيبلهم فكرة، مرة سرقوني، مرة السوق حابسة ما ربحت والو هذا العام.
سليم: باباك قافز وعندو الحق. بابا اللي نيّة، ما شي يدفع الغرامة للدولة برك، يخرج كل سنة زوج ونص بالألف من الذهب انتاعنا ومن دراهمنا في البنك زكاة غير الصدقات في رمضان والمواسم والأعياد.
عاشور: بزّاف.
سليم: لو كان هادو الزوج ونص بقاو في 40 سنة كان درك الذهب انتاعنا ولـّى جبل. ويقوللي: "اللي ما يزكيش أموالو تاكلها النار". امّالا التأمين علاش داروه؟
عاشور: نولـّو لهذا الذهب كيفاش نذوبوه؟ بابا ما يقعدش دايما في الحانوت لكن أنا ما نعرفش هذي الصنعة.
سليم: وعند بالك أنا نعرف. نسيت باللي كنا معا بعض في باريس. الشيخ بعثني نتعلم صياغة الذهب والفضة وعند بالو درك باللي راني نعرف كلـّش.
عاشور: ودرك راك تعرف كلـّش في علم النساء الزينات، الجواهر الحقيقية الحيّة. الجواهر اللي تتبسم واللي تتمختر واللي تشطح، اللآلئ الأوربية البيضا والجواهر الأفريقية السودا والدرر الآسيوية الصفرا.
سليم: هِيّا هذي الجواهر الكريمة المكنونة ماشي الأحجار اللي يسموها كريمة.
عاشور: كنا نتنقلو من جوهرة لجوهرة ومن ذهبية لحوريّة.
سليم: ومن جانين لفانتين، كاين عبد ربي اعطاه العقل يروح لباريس وما أدراك ما باريس ويقرا فيها علم الأحجار بدل ما يقرا علم النساء الزينات والراقصات الشابات في الملاهي والكباريهات.
عاشور: العبد يعيش مرة واحدة ماشي زوج واللي يضيع عمرو في القراية ياحليلو. قوللي: امّالا باباك ما علا بالوش باللي ماكنتش تقرا.
سليم: هوّا يحب الشهادة؛ كاغط مكتوب فيه باللي جوزت سنتين نقرا صياغة الذهب والفضة وتصميم المجوهرات. وجبتلو هذا الكاغط وفرح بيه بزاف.
عاشور: ومنين جبت هذا الكاغط؟
سليم: شريتو. ياخي درك تقدر تشري الشهادة اللي تحبها: ليسانس، ماجستير، دكتورا، وكل واحدة بسومتها.
عاشور: يعني شهادات انتاع الفستي، واللي يفيقو بيه يدخلوه للحبس.
سليم: معلوم يدخلوه للحبس، أنا ماشي باش نخدم بيها نوريها للشيخ برك.
عاشور: كيفاش نديرو بهذا الذهب درك؟
سليم: ما تخمّمش. الخدام انتاعنا مولى صنعة، يقدر يذوبهم بلا الشيخ ما يفيق.
عاشور: حاجة كيما هذي نقسمها معاك. وما زال كاين حاجات غيرها بزاف. نخدمو معا بعض نترفهو في زوج. المهم السر يبقى بيناتنا.
سليم: كون متهني.
عاشور: تبقى على خير. (يخرج عاشور)
المشهد الرابع
(يدخل سعيد فيناديه سليم)
سليم: ارواح. (يريه صرة الذهب): شوف، حبيت نذوبو هذا الذهب باش نعاودو الخدمة انتاعو.
سعيد(يمسك الصرّة ويفحص الذهب): منين جا هذا الذهب؟
سليم(بغلظة): واش دخلك منين جا؟ اخدم خدمتك بلا ما تسقصي.
سعيد: محتم عليّا نسقصي. لمّا يجي البوليس يحوّس على الذهب المسروق، أنا اللي نروح للحبس.
سليم: اشكون قال لك باللي راهو مسروق؟
سعيد: باينة كي الشمس، خواتم وأساور وعقود ما شاء الله من اللي يسقصو عليها المشتريّة، كاين عاقل يفسد خدمة كيما هذي إلا إذا حب يضيّع الجُرّة؟
سليم(غاضبا): راك تتهمني بالسرقة؟
سعيد: حاشا، ما قلتش هكذا. نقول لسي البشير إذا قاللي نخدمها نخدمها، خاطر نثيق فيه.
سليم: ونا؟ ما تثيقش فيّا؟ (بحزم): شوف، أنا المعلم درك. إذا حبيت تخدم في هذا الحانوت تدير واش نقولك، وإذا ما حبيتش حوّس على خدمة أخرى.
سعيد: أنا ما نخدمش عندك، نخدم عند سي البشير، ولمّا سي البشير يحاوزني نروح.
سليم(يبتعد قليلا ثم يعود ويغيّر لهجته): ماذابيّا ما تقولش لبابا على هذا الذهب، ودرك نرجعهم للي جابهملي.
سعيد: ما تخافش أنا عمري ما نفتـّن. وما ندخلش روحي بينك وبين باباك.
(تطفأ الأنوار وتعزف الموسيقى دلالة على انقضاء الزمن)
المشهد الخامس
(تنار الأضواء من جديد. يدخل عاشور)
عاشور: غير الخير. قوتلي في التلفون ارواح درك، واش كاين؟
سليم(يناوله صرة الذهب): هذا الذهب انتاعك شوف واش تدير بيه.
عاشور: علاش؟ ما قدرتش تفريها؟
سليم: هذا الخدّام السامط فاق باللي هادو مسروقين وما حبش يخدمهم. خايف يفضحني عند بابا. اصبر عليّا إيامات باش نفكرلو حيلة نخرجو من هنا.
عاشور: ونا نجيبلك واحد مولى صنعة ويدير واش نقولولو. نولو نخدمو معا بعض ونربحو الملاير.
سليم: هكذا متفاهمين، خاطر لو كان نخدم كيما يحب الشيخ بابا نعيشو قد قد.
عاشور: ما تخممش، نوعدك إذا هنيتنا من هذا السامط تشوف الدراهم طاحت علينا من السما وما عندناش الوقت باش نرفدوها.
(يدخل سعيد فيرى صرة الذهب في يد عاشور)
سليم: سعيد، جيت.
سعيد: انعم راني جيت.
سليم: مرحبا
عاشور: امّالا أنا نخليك. (يخرج)
سليم: بالسلامة.
المشهد السادس
(تدخل إلى الحانوت صبية في حوالي العشرين ممشوقة القد سمراء جذابة، تتبختر وتتمايل.)
وردة(بدلال): حبيت نشوف خيط الروح والخاتم اللي معاه في الفترينة "الواجهة".
سليم(يخرج من اليمين ثم يعود وفي يده الخاتم والعقد): حبيتي هادو؟
وردة: انعم، همّا بالذات. (تأخذ الخاتم من يده وتضعه في إصبعها وتتأمله): اشحال شباب.
سليم: صبعك هوّا اللي شباب على الخاتم.
وردة(بخجل مصطنع): شكرا.
سليم: وخيط الروح ما تحبيش تجربيه؟
وردة: ما عنديش دراهم نشريهم في زوج. درك نشري الخاتم.
سليم:الخاتم ومولى الخاتم يخدموكِ ويقولولكْ شُبّيكِ لـُبّيكِ.
وردة(تضحك): علاش هذا خاتم سليمان؟
سليم: لا. هذا خاتم سليم. أنا سليم.
وردة(بدلال): وأنا وردة.
سليم: راني نقول هذي الريحة الحلوّة منين جات. جات من الوردة.
وردة(بدلال وخجل): شكرا. اشحال يسوى هذا الخاتم بالصح ماذابيّا تنقصلي في السومة.
سليم: نبيعهولك باللي حبيتي.
وردة: زيد نقص شويّة. (يضحكان)
سليم: درك لحق وقت الفطور. (ينظر إلى الساعة): واش قلتي لو نضربو دورة في سيدي فرج ونفطرو هناك.
وردة: قبل ما نفطرو في سيدي فرج، قوللي اشحال تخليهولي؟
سليم: واش رايك تقبليه هدية مني؟
وردة: لالا. ما نقبلش هديّة بلا سبّة.
سليم: نقولو بمناسبة أول فطور معا بعضانا.
وردة: إذا كان هكذا صحّة.
سليم(ينادي سعيد في المشغل): سعيد. رد بالك راني خارج نفطر. (يخاطب وردة): تفضلي. السيارة راهي قريبة.
(يخرجان)
(تطفأ الأنوار وتعزف الموسيقى دلالة على انقضاء الزمن)
المشهد السابع
(تنار الأضواء من جديد. نشاهد سعيد يمسح الخزانة الزجاجية. يدخل بشير.)
بشير: صباح الخير.
سعيد: صباح الخير سي البشير.
بشير: سليم ما زال ماجاش؟
سعيد: ما زال.
بشير: هادي عوايدو، يحب يرقد وما ينوضش بكري. راني رايح درك لتلمسان مع الحاج محمود. حبيبنا سي رابح الجواهرجي مات الله يرحمو، ورايحين نعزّيو امّاليه. بالك نقعدو يومين والا ثلاثة هناك. كاش ما توصّي؟
سعيد: حشمان نقولك ياسي البشير.
(يدخل سليم دون أن يلاحظاه ويبقى بعيدا يستمع إلى حوارهما)
بشير: ما تحشمش. إنت راك كي وليدي قوللي واش تستحق؟
سعيد: حبيت تخطب لي الخديمة اللي عند الحاج محمود.
بشير: الخديمة! علاش ياوليدي تتزوج خديمة؟
سعيد: أنا خدّام وهيّا خديمة.
بشير: ماشي كيف كيف. إنت مولى صنعة وقاري. ونظن هيّا جاهلة ما تقرا ما تكتب.
سعيد: إذا كانت جاهلة، أنا نقرّيها ونعلمها.
بشير: هيّا زينة لهذي الدرجة حتى خطفت عقلك؟
سعيد: انعم زينة واسمها زينة، لكن ماشي زينها اللي خطف عقلي برك.
بشير: امّالا واش؟
سعيد: عقلها وأمانتها.
بشير: فين عرفتها؟ وواش شفت من عقلها وأمانتها؟
سعيد: لا ياسي البشير، ما يروحش فكرك لبعيد. أنا حتى اسمها عرفتو لما عيطولها الجيران. كي بعثتني ندّي شكارة السميد لدار الحاج، طلعت سبع طبقات وأنا رافدها. الأسانسير"المصعد" كان معطل ويسقمو فيه. لحقت عرقان ونلهث. كانت تسيّق الدار، عاونتني ودخلت معايا الشكارة. وكي قلتلها راني عطشان جابتلي نص كاس ما سخون. قالت لي هذا ما نسعاوْ خاطر العين مقطوعة. شربت وحبيت نهبط قالت لي ريّح شويّة قبل ما تهبط باش يبرد العرق انتاعك.
بشير: ومن بعد؟
سعيد: ريّحت في الصالون ومن بعد جابت لي كاس ما بارد يرد الروح. سألتها: "علاش ما جبتيليش من قبيل هذا الما؟" جاوبتني: "لو شربت الما البارد وانت عرقان كنت درك راك في السبيطار". عرفت باللي راهي خافت عليّا وهيّا ما تعرفنيش، وهادي المرا اللي نحب نتزوج بيها.
بشير: خمّم مليح ياوليدي.
سعيد: ما كملتلكش يا سي البشير.
بشير: واش حبيت تزيد ثاني؟
سعيد: كي نضت باش نخرج ووصلت للباب عيطتلي، وقالتلي: "ارواح ارفد واش طاح منك". رجعت لقيت الدراهم انتاع الشهرية اللي عطيتهالي كلها طايحة على الكنبة. ونظن ما كانش أمانة أكثر من هكذا.
بشير: عندك الحق ياوليدي. الأمانة ولات عزيزة في الوقت اللي احنا فيه، لكن زيد خمّم، زواج الدهر يلزملو تخميم شهر.
سعيد: راني خمّمت وهذي الطفلة هيّا خيط الروح انتاعي. وإذا حبيت روحي تبقى حيّة ماذابيك تخطبهالي.
بشير: ما يكون غير خاطرك. أنا باش نخطب بنت الحاج لوليدي سليم ونخطب لك الخديمة.
سعيد: ما ننساش خيرك ياسي البشير لو كان نقدر نتزوج بيها.
بشير: درك نبقيك على خير. تهلـّى في سليم.
سعيد: كون متهني.
(يخرج سليم حتى لا يعرف أحد بأنه سمع الحديث. ويخرج البشير)
ستار