الكاتب عبد الله خمّار للوسط
لابدّ من التنسيق بين الكاتب والممثل المسرحي
يجب دعم المسرح وإعادة الاعتبار له
نزل أول أمس الكاتب عبد الله خمّار ضيفا على الفضاء الأدبي "صدى الأقلام" بالمسرح الوطني محي الدين بشطارزي ليقدم قراءة في نص مسرحية "فندق الأحلام الوردية". اقتربت منه الوسط وأجرت معه هذا الحوار.
حاورته بختة حبلال
· مسرحية "فندق الأحلام الوردية" هي أول مسرحية كتبتها. حدثنا قليلا عن هذا الإبداع الفني.
· هي مسرحية اجتماعية عاطفية يختلط فيها الجد بالهزل والحب الصادق بالمؤامرات الخسيسة. هي حكاية أستاذ متقاعد يكلف بمهمة عسيرة ويجد نفسه في مواجهة الشر والفساد.
· بما أن المسرحية تعالج موضوع الفساد والصراع القائم بين النزهاء والراشين والمرتشين، فما هي الرسالة التي أردت توجيهها للجمهور؟
· فكرة المسرحية تتلخص في أن الإصلاح دائما ممكن فهو ليس صعبا وليس بالشيء المستحيل فالإصلاح ممكن إذا توفرت الإرادة والعزيمة لدى الإداري المصلح، ففي أي إدارة أو مؤسسة هناك أقلية مفسدة وأخرى مصلحة تقاوم الفساد، وأكثرية محايدة صامتة تتبع الغالب، ليست فاسدة ولا ترضى بالفساد ولكنها لا تستطيع مقاومته إلا إذا وجدت من يقودها. وقد رأيت أن خير من يقوم بالإصلاح من يجمع بين الإيمان بالقيم وبين معرفة القوانين وأساليب الأشرار في التحايل عليها بشراء الذمم والتزوير والإرهاب. لذلك اخترت فندقا فيه ملهى ليلي وكازينو قمار ليكون رمزا للمؤسسات المنتشر فيها الفساد، علما بأن هذا الفندق لا يمثل الفنادق كلها ولا تمثل إدارته الإدارات كلها. ويتستر المفسدون في هذا الفندق وراء شعارات الحرية وتشجيع السياحة ويدعون أن أي إصلاح هو تقييد للحريات ويمكن أن يؤثر على مداخيل السياحة.
· ما هي الشخصيات الرئيسية الفاعلة في هذه المسرحية؟
· واخترت أن يكون الأستاذ أو المعلم وهو الجندي الطليعي في معركة التنوير، الشخصية الرئيسية التي تقود الإصلاح. ولكنه أستاذ عمل ثلاث دورات كاملة كمحلف في محكمة الجنايات بتكليف من مجلس قضاء العاصمة، يدرس القضايا الجنائية ويراجع القوانين ويشارك في المداولات ويصدر الأحكام مما أكسبه خبرة في أساليب المفسدين والمحتالين.
ومما لا شك أن المفسد لا يعمل وحده بل تعمل معه عصابة تنفذ كل ما يطلب وتتقاسم معه الأرباح، ولا يمكن كذلك للمصلح أن يعمل وحده بل تلتف من حوله مجموعة تقاسمه المبادئ وتتفانى معه في خدمة الحق والخير والعدل. لذلك نجد حول كل منهما عددا من الأشخاص. وهكذا نجد في المسرحية أكثر من عشرين شخصية منها سبع شخصيات رئيسية.
· ما هو الطابع الذي أخذه الحوار في هذه المسرحية؟
· حاولت جاهدا أن يقوم الحوار بوظيفته الأساسية في المسرحية، وهي الكشف عن صفات الشخصيات وخصائصها ثم يؤدي إلى تطور الأحداث في المسرحية. كما حاولت أن يكون الحوار ممتعا قدر الإمكان فالحوار الممل يقتل المسرحية. كما أنني كتبت الحوار بالفصحى.
· لماذا الحوار بالفصحى؟
· كتبت الحوار بالفصحى لسببين: أولهما أنني لا أحسن التعبير بالعامية أو بالدارجة الجزائرية، والكتابة بها مغامرة غير محمودة العواقب بالنسبة إلي، فللدارجة فرسانها ممن لا أستطيع مجاراتهم والجري في ميدانهم.
أما السبب الثاني فيتعلق بتنفيذ هذه المسرحية وتقديمها على المسرح، فمهمتي أن أكتبها ولكن تنفيذها ليس بيدي، حيث تتحكم ظروف كثيرة في إعدادها للمسرح وتقديمها أو إرجائها أو إهمالها تماما، فمن الخير لي إذاً أن أكتبها بلغة مقروءة لتظل مسرحية قابلة للقراءة حتى وإن لم تجد طريقها إلى المسرح. ونتيجة لذلك لم أهتم كثيرا بطولها ولم أرض أن أحذف مقاطع منها لتتلاءم مع زمن العرض المسرحي تاركا ذلك لمن يعيد إعدادها بالدارجة، وللمخرج إن قدر لشخوصها أن تدب فيهم الحياة على خشبة المسرح.
· هل اختيار الموضوع كان بدافع؟
· رأيت أن من واجبي ككاتب أن أساهم في إثراء النصوص المسرحية الجزائرية والعربية ولو بمحاولة كتابة نص مسرحي واحد على الأقل، لأن الفرق المسرحية المحترفة وفرق الهواة تشتكي دائما من قلة النصوص وندرتها. وهكذا كتبت مسرحية فندق الأحلام الوردية في أربعة فصول وواحد وخمسين مشهدا.
والدافع الأكبر هو كثرة الفساد في أوساط المؤسسات والإدارات كما أنني أحببت أن أعيد الاعتبار للمعلمين والأساتذة بعد ما عانوه من جحود وبعد أن اتهمهم بعض المغرضين بتكوين الإرهابيين مع أنهم الجنود الطليعيون في معركة التنوير.
· متى سيجسد هذا الإبداع المسرحي على الخشبة؟
· لا أعلم فهذا تابع للمسرح، ولكني أتمنى أن تمثل وتحول إلى الدارجة لكي يستطيع المشاهد الذواق للفن الرابع أن يراها.
· هل غياب الحركة النقدية في الجزائر يؤثر على جودة العمل المسرحي؟
· أكيد، فغياب النقد يؤثر على جودة العمل المسرحي والروائي، لأن النقد هو الذي يوجه الكاتب إلى الطريق الصحيح والحركة النقدية تواكب الحركة الإبداعية، وغيابها يضعف الحركة الإبداعية.
هناك حركة نقدية في الجزائر ولكنها تبدو ضعيفة، والدليل على ذلك أن الرواية تطرح في السوق وتطبع وتقرأ، ولكن لا يعلق عليها النقاد ونفس الشيء ينطبق على الأعمال المسرحية.
· ما سبب غياب النص المسرحي؟ ولماذا لم يعد الكتاب يكتبون نصوصا مسرحية؟
· يجب أن يكون هناك تنسيق بين الكاتب والفنان المسرحي، ففي الماضي كان من يكتب للمسرح هو نفسه الممثل، وفي بعض الأحيان هو المخرج أو صديق المخرج، وكان لكل مسرح كاتب أو كتاب معينون. والكاتب اليوم لا تلابطه أي علاقة مع المسرح، فهو يكتب ولا يعرف إن كانت أعماله ستقدم للمسرح، وهل ستمثل أم لا؟ ما زال المسرح يحتاج إلى قاعات للتمثيل ويحتاج إلى مزيد من التنسيق أكثر مما هو عليه الآن.
· يلاحظ غياب الأسماء اللامعة في عالم المسرح بالرغم من وجود عدد كبير من النجوم في حين كانت الجزائر الأحادية تعرف وجوها كثيرة فما تفسيركم؟
· في الماضي كانت هناك نجوم قليلة بارزة لأتها كانت تتميز بالكفاءة وكانت هناك لجان تقوم باختيار الفنانين والممثلين بحيث لا يمكن لأي شخص أن يكون ممثلا إلا إذا تمتع بالموهبة والمثابرة، ولكن الآن في عصر الديموقراطية أصبح بإمكان أي شخص أن يمثل وأن يغني، وحين تكثر الأسماء لا تستطيع التمييز بينها إلا من أثبتت كفاءتها وبرزت فعلا.
· "أعطني مسرحا جيدا أعطيك شعبا مثقفا" ألا يزال هذا قائما إلى اليوم؟
· هناك فنون أخرى تقاسمت الدور مع المسرح وهي السينما والفيديو والأنترنت، فهي قيلت في وقت كان المسرح وحده يلعب الدور.
· لك العديد من الإصدارات في المجال التربوي والأدبي. هل بإمكانك إعطاءنا بعض العناوين؟
لدي كتاب بعنوان " فن الكتابة : تقنيات الوصف " مطبوع في 1998 وهو نتاج تجربة عملية في تدريس تقنيات التعبير الكتابي لتلاميذ معهد تكوين أساتذة التعليم المتوسط.
بالإضافة إلى سلسلة تقنيات الدراسة في الرواية وتشمل الأجزاء التالية:
الشخصية. مطبوع في1999. العلاقات الإنسانية: مطبوع في 2001. المواضيع الاجتماعية والثقافية إلى جانب مواضيع الحريّة وحقوق الإنسان: نشر على الأنترنت 2005.
· بالإضافة إلى هذه الأعمال، هل لديك أعمال شعرية أو روايات؟
نعم لدي مجموعة من القصائد والروايات وهي كلها تربوية منها "أغاني المحبة للأم والمدرسة"، وهي مجموعة قصائد وأناشيد تربوية مصحوبة بالنوتة الموسيقية، وكذلك "محطات عاطفية في رحلة العمر" و "أنغام من وحي الأحبة" وهي قصائد غزلية مصحوبة بالنوتة الموسيقية. بالإضافة إلى الروايات كرواية "جرس الدخول إلى الحصة"، والتي تدور أحداثها في إحدى ثانويات العاصمة ورواية أخرى بعنوان "حب في قاعة التحرير"، وتدور أحداثها في مقر إحدى الصحف في العاصمة وأيضا رواية "كنز الأحلام"، وهي حكاية أحد رجال المال والأعمال والصراع الأبدي بين النزاهة والفساد. وكل هذه الروايات نشرت على الأنترنت.
· ما نظرتكم المستقبلية للمسرح في الجزائر؟
· أتمنى أن تكون هناك نهضة مسرحية وأن نعود إلى دعم المسرح من جديد سواء من المثقفين أو الدولة.
الثلاثاء 18 نوفمبر 2008 العدد: 1379